للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحياء، فإنه بيان المدة من غير أن يكون فيه تعرض لأصل الإحياء ولا لما يبتني عليه من مدة البقاء إلا ظاهرًا لا حقيقة؛ لأن في اعتبار ما هو ظاهر لنا تبديل صفة الحياة بصفة الوفاة، وهذا لأن إحياء الشريعة بالأمر به كإحياء الشخص، وذلك لا يوجب بقاءه، وإنما يوجب وجوده.

ثم البقاء بعد ذلك بإبقاء الله تعالى إياه أو بانعدام سبب الفناء، فكما أن الأمانة بعد الإحياء لا يكون فيه شيء من معنى القبح ولا يكون هو دليل البداء فكذلك النسخ في حكم الشرع (بل كان بيانًا للمدة التي هي غيب عنا وهو الحكمة البالغة)؛ لأن ورود الأوامر والنواهي لمنفعة المخاطبين؛ إذ الله تعالى يتعالى عن أن تلحقه منفعة أو مضرة، فجاز أن تكون المنفعة لهم في مدة حكم مخصوص، وجاز أن تكون المنفعة لهم في مدة أخرى في ضد ذلك الحكم لتبدل مصالح العباد، وفي هذا حكمة بالغة لإبداء وظهور غلط.

ألا ترى أن الطبيب إذا أمر مريضًا بشرب دواء معين وأكل غذاء معين، ثم نهاه عن ذلك بعد زمان لا يكون ذلك بداء منه؛ بل يختلف ذلك بسبب اختلاف أحوال المريض ومزاجه وتبدل مصلحته في ذلك.

وقوله: (بإبقاء هو غير الإيجاد) هذا توسع في العبارة بسبب اختلاف أثرهما لما أن صفة الله تعالى ليست عين صفة أخرى ولا غيرها كالصفات مع

<<  <  ج: ص:  >  >>