للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الاحتجاج به: أنه شرط في إيجاب الرد إلى الله تعالى والرسول التنازع، وقد تقدم بيان أن مفهوم الشرط حجة، فهذا يقتضي أنه لا يجب الرد إلى الله والرسول عند عدم التنازع، بل يكفي فيه بالاتفاق، ولا نعني بكون الإجماع حجة سوى هذا.

ولقائل أن يقول: هذا الاستدلال ضعيف، لوجوه:

أحدهما: أنه متناقص، لأن الاكتفاء بالإجماع رد إلى الله ورسوله، لأن المعنى من الرد إلى الله ورسوله الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهو أعم من الرد إليها بواسطة، أو بغير واسطة، إذ لو كان المراد منه الرد إليهما بغير واسطة لكان الحكم المثبت بالقياس، أو بالإجماع على رأي من يقول به، أو بالبراءة الأصلية لم يكن مردودًا إلى كتاب الله وسنة رسوله فكان باطلاً وهو متناقض للقول بحجيتها فثبت أن الرد إليهما أعم من الرد إليهما بواسطة أو بغير واسطة، فالاكتفاء بالإجماع عند عدم التنازع رد أيضًا إلى كتاب الله وسنة رسوله ضرورة أن حجيته عندكم مستفاد منهما فيكون وجه الاستدلال مناقضًا للنتيجة.

وثانيها: أنا وإن سلمنا سلامته عن التناقض بناء على أن المراد من الرد إليهما الرد إليهما من غير واسطة لكن نقول: أن مفهوم الشرط إنما يكون حجة إذا لم يكن الباعث على التقييد العادة والغلبة، فأما إذا كان ذلك فلا، وهنا كذلك، لأن الإنسان إنما يحتاج إلى الإثبات عند التنازع، فأما عند الوفاق فلا [لمساعدة الخصم، فلا يدل عدم التنازع على عدم وجوب الرد إليهما].

<<  <  ج: ص:  >  >>