للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومأخذ الخلاف إن الجواز، هل هو داخل في حقيقة الواجب أم لا؟.

فمن قال: إنه داخل فيها قال بنفي الجواز إذا نسخ الوجوب، وهذا القائل يفسر الجواز برفع الحرج عن الفعل فقط ولاشك أنه داخل في ماهية الواجب.

ومن قال: إنه غير داخل فيها بل هو ينافيها، قال: لا ينفى الجواز، وهذا القائل: يفسر الجواز برفع الحرج عن الفعل والترك، ولا شك أنه غير داخل فيها بل هو ينافيها.

حجة الأولين: أن الجواز عبارة عن رفع الحرج عن الفعل، والوجوب عبارة عن رفع الحرج عن الفعل، مع إثبات الحرج في الترك، ومعلوم أن المفهوم الأول جزء من المفهوم الثاني، وإذا ثبت أنه جزؤه، فالمقتضي للوجوب مقتض له لاستحالة تحقق المركب بدون مفرداته، ورفع الماهية المركبة لا تقتضي رفع أجزائها أجمع، وإذا كان كذلك كان المقتضي للجواز قائما، وهو الدليل الدال على الوجوب والعارض الموجود وهو النسخ لا يصلح أن يكون معارضا له، وذلك لأن رفع ماهية الوجوب، إما برفع جواز الفعل، أو برفع الحرج عن الترك، أو بهما، وعلى كل التقادير يكون الحرج عن الترك مرفوعا قطعا، وأما رفع جواز الفعل فغير معلوم ولا مظنون وكان المقتضي له ثابتا فوجب القول ببقائه، فإذا انضم رفع الحرج عن الترك إلى جواز الفعل كان المجموع الحاصل منهما هو الجواز، بمعنى رفع الحرج عن الفعل والترك،/ (٩١/ب) وهذا المفهوم قدر مشترك بين المباح والمندوب، لكن لما كان أقل مراتبه أن يكون مباحا لا حراما قطعنا به دون المندوب، إذ يحتاج فيه إلى زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>