للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محالة، وليس أنه إذا كان غير [مراد] الوجود يلزم أن يكون مراد العدم، كما تقدم في المعدوم المستمر، فإنه عندنا غير مراد الوجود إلا أنه مراد العدم.

قلت: الدليل على أن كل معدوم ممكن فإنه مراد العدم لله تعالى على رأيهم، أن المعدوم الممكن إما مراد العدم وإما غير مراد الوجود على ما ذكرتم، لكن ليسو المفهوم الثاني أعم من الأول، بل هما متلازمان.

أما كون المفهوم الأول: مستلزم للثاني، فلما سلمتم.

وأما كون المفهوم الثاني: مستلزمًا للأول، فلأنه متى كان غير مراد الوجود كان معدومًا لا محالة، وإلا كان مراد الوجود ضرورة أن كل كائن بإرادة الله تعالى عندهم، وهو خلاف التقدير، وإذا كان كونه معدومًا لازمًا لكونه غير مراد الوجود، كان كونه مراد العدم لازمًا لكونه غير مراد الوجود، ضرورة أن إرادة الشيء تستلزم إرادة ما هو من لوازمه بتقيد الشعور به.

وعن الثاني: أن النقض إنما يلزم أن لو قلنا: إن أفعال العباد تقع بقدرته وإرادته، ونحن لا نقول: بذلك، بل نقول: إنما تقع بقدرة الله وإرادته فلا ينتقض الدليل حينئذ.

نعم: النقض لازم على من قال من أصحابنا: إن قدرة العبد مؤثرة في الفعل عندما يخلق الله فيه داعية جازمة إليه، لو سلم الحكم، لكنه يمنعه.

ونقول: لا نسلم أنه يريد منا إرادة جازمة بالفعل عند ارتفاع الموانع مع عدم إرادته منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>