للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما وقوع المرجوع عنه بكثرة نسبيًا في رواية الميموني، فلا نستطيع أن نحكم في ذلك بشيء، إلا أن ولوع الميموني بالإمام أحمد له سببه، فقد كان من أعلام الرقة، وقد كان فقه الإمام الأوزاعي نقل إليها، فكان الميموني أراد أن يجمع بين المعرفة بفقه الأوزاعي وفقه الإمام أحمد، فكان يعرض عليه مسائل الأوزاعي وأصحابه (١) ليجيبه فيها، على غرار ما كان يصنع أسد بن الفرات مع ابن القاسم، فقد جاء بمسائل "المدونة" من العراق، وعليها أجوية الحنفية، فعرضها على ابن القاسم ليجيبه بمذهب مالك فيها.

ولعل هذا هو السبب في حرص الميموني على تدوين "مسائل الإمام أحمد" في أثناء حياته، وقد أنكره عليه الإمام، لكن الميموني راجعه في ذلك حتى أقنعه (٢).

وعلى أية حال، فالميموني يعد في زمرة السبعة الذين كان يظلهم اسم "الجماعة" على اعتبار أنهم في المرتبة الأولى من ناقلي الفقه الحنبلي عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-. فقد قال النجدي في حاشيته على "منتهى الإرادات" ما نصه: "وحيث أطلق الجماعة، فالمراد بهم: عبد الله بن الإمام، وأخوه صالح، وحنبل ابن عم الإمام، وأبو بكر المرّوذي، وإبراهيم الحري، وأبو طالب، والميموني" (٣).

ولم يكتب لمسائل الميموني أن تصل إلينا في مجموع مخطوط، بل هي مبثوثة في كتب المذهب التي تعنى بالنقل.

نماذج من مسائله:

أ - قال الميموني: قلت لأحمد: اجتمع عيدان في يوم، أيكفي أحدهما من الآخر؟ قال: أما الإمام فيجمعهما جميعًا، ومن شاء ذهب في الآخر، ومن شاء قعد.

ب - وقال الميموني: قلت لأحمد: من قتل نفسه يصلي عليه الإمام؟ قال: لا يصلي الإمام على من قتل نفسه، ولا على من غل. قلت: فالمسلمون؟ قال: يصلون عليهما.

جـ - وقال الميموني: قلت لأحمد: تحج المرأة من مكة إلى منى بغير محرم؟ قال: لا يعجبني، قلت: لم؟ قال: لأن مذهبنا لا تسافر امرأة سفرًا إلا مع ذي محرم (٤).


(١) مجموع الفتاوى، لإبن تيمية ٣٤/ ١١٤.
(٢) الطبقات ١/ ٢١٤.
(٣) حاشية النجدي على منتهى الإرادات ٢/ ١٧٩.
(٤) الطبقات ١/ ٢١٥.