للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يعني أنه يقع بحدود عشرين مجلدًا بتقديرنا الحالي. وفقه الخلاف هو الفقه المقارن بين إمامين أو مجموعة من الأئمة المجتهدين، وقد ألف فيه العلماء من مختلف المذاهب من لدن الإمام الشافعي (٢٠٤ هـ) في كتابه "الأم" إلى قرون متأخرة، وللغزالي فيه كتاب "المآخذ"، ولأبي بكر بن العربي المالكي كتاب "التلخيص" جلبه من المشرق، ولأبي زيد الدبوسي الحنفي كتاب "التعليقة"، ولابن القصار من شيوخ المالكية "عيون الأدلة"، وقد جمع ابن الساعاتي في مختصره في أصول الفقه جميع ما ينبني عليها من الفقه الخلافي، مدرجاً في كل مسألة منه ما ينبني عليها من الخلافيات (١).

وأما الحنابلة فلهم الباع الطويل في هذا الفن، حتى إن تصنيفاتهم بلغت فيه نحوًا من خمسين عنوانًا في الخلاف العالي فقط، وهو الخلاف خارج المذهب الحنبلي، فضلًا عن الخلاف المذهبي الممثل بالروايات والوجوه والإحتمالات والإختيارات وغير ذلك.

٤ - الخِرَقي (٣٣٤ هـ):

عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم، الخرقي، نسبة إلى بيع الخِرَق، البغداري المولد الدمشقي الوفاة (٢).

أحد أئمة الذهب الحنبلي، كان عالمًا بارعًا فيه، ذا دين وورع.

تلقى العلم على تلامذة المرّوذي وحرب الكرماني وصالح وعبد الله ابني الإمام

أحمد.

صنف الخرقي عدة مصنفات، لكن حظه منها في الإنتشار كان كحظ ابن المناري من قبله، فلم ينتشر منها إلا "المختصر" الشهير، والسبب في ذلك: أنه خرج من بغدار -مدينة السلام- لما ظهر سب الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين -، وأودع كتبه في درب سليمان، فاحترقت الدار التي كانت فيها الكتب، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد (٣).


(١) مقدمة ابن خلدون ٢/ ٥٥٦.
(٢) جمع الشيخ عبد الله الجبرين ترجمة حافلة له في مقدمة تحقيقه لكتاب شرح الزركشي على متن الخرقي. ج ١ ص: ٦٩ - ٧٦.
(٣) الطبقات ٢/ ٧٥. وقال الذهبي في (السير) (١٥/ ٣٦٤): وظهر في هذا الوقت الرفض والإعتزال بالعراق ببني بُوَيه.