للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصول والفروع" (١).

وقد نقل القاضي أبو يعلى عنه في تخصيص العموم بالقياس، فقال: "وقع إلي جزء فيه مسائل في أصول الفقه، إملاء أبي الحسن الجزري، وذكر فيه هذه المسألة، وحكى فيها خلافاً بين أصحابنا، واختار أبو الحسن: أنه لا يجوز تخصيصه بالقياس، وذكر فيها كلاماً كثيرًا (٢).

وقد مّر معنا في ترجمة منقح المذهب الحسن بن حامد -رَحِمَهُ اللهُ- أن من جملة مؤلفاته كتاب "شرح أصول الفقه".

على أن الذي يطالع كتاب "العدة في أصول الفقه" للقاضي أبي يعلى (٤٥٨ هـ) يستطيع أن يعتبره أول كتاب صدر للحنابلة في أصول الفقه بمباحثه الكاملة وتحرراته المنهجية المقارنة، والدليل على ذلك أنه بناه على "أصول الجصاص" الحنفي و"المعتمد" لأبي الحسين البصري المعتزلي الشافعي، وذلك يدل دلالة واضحة أنه لم يكن بين يديه كتاب حنبلي ينسج على منواله، وهذا من ناحية المنهج والمسلك في الإستدلال والمناقشة، أما مادته العلمية فقد استقاها من كتب المذهب التي وصلت إليه، وهي في عامتها متنوعة وجامعة للفقه والأصول والعقيدة وغير ذلك، كما سبق وصفها.

ويالتالي يكون القاضي أبو يعلى -رَحِمَهُ اللهُ- جامعا ومحرراً لأصول المذهب الحنبلي، كما أن الخلال وابن حامد جمعا الفروع وحرراها التحرير الأولي المبكر، والقاضي أبو يعلى يعتبر من رجالات الدور اللاحق، إلا أن البحث اقتضانا أن نعطف عليه بما تقدم من الكلام لاستكمال التوضيحات اللازمة في موضوع كتابة الحنابلة في أصول الفقه الإسلامي في الدور الثاني من أدوار تاريخ هذا المذهب السَّني.

* * *


(١) المصدر السابق ٢/ ١٦٧.
(٢) العُدّة في أصول الفقه ٢/ ٥٦٣.