للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومع ما كان لديه من الحظوة عند الخلفاء العباسيين، فإنه لم يكن مداهناً لهم، بل بالعكس كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كتابه "تبرئة معاوية" لأعظم دليل على أنه بعيد كل البعد عن مداهنة الخلفاء. -رَحِمَهُ اللهُ- وجزاه خيراً على ما قدم وأبلى.

٢ - أبو الخَطّاب (٤٣٢ - ٥١٠ هـ):

محفوظ بن أحمد الكَلْوَذَاني. تلميذ القاضي أبي يعلى. ويعتبر أبرز من جاء بعد القاضي بالنسبة إلى تحقيق المذهب وخدمته والإجتهاد فيه، فقد درس على أبي يعلى ولزمه حتى برع في المذهب والخلاف. وقرأ عليه بعض مصنفاته، وقرأ الفرائض على أبي عبد الله الوني، وبرع فيها أيضاً، وصار فريد عصره في الفقه، ودرّس وأفتى، وقصده الطلبة (١).

قال ابن رجب في وصفه: "كان أبو الخطاب - رضي الله عنه - فقيهاً عظيماً كثير التحقيق، وله من التحقيق والتدقيق الحسن في مسائل الفقه وأصوله شيء كثير جداً، وله مسائل ينفرد بها عن الأصحاب" (٢). ثم شرع في إيراد تلك التفردات معلقاً عليها.

وهذا التحقيق والتدقيق الذي أشار إليه ابن رجب، قد بثه أبو الخطاب فيما خلّف من ذخائر المواريث، وهي مصنفاته الحسان في المذهب والأصول والخلاف، ومن جملتها:

"الهداية" في الفقه، وقد طبع في الرياض في جزأين، والخلاف الكبير سماه "الانتصار في المسائل الكبار" حُقق منه مسائل: الطهارة والصلاة والزكاة في ثلاث رسائل جامعية، والخلاف الصغير المسمى "رؤوس المسائل" وهى التي كان يشير صاحب "المحرر" إلى أن ما ذكره فيها ظاهر المذهب (٣).

ومن تأليفاته أيضاً: "التهذيب" في الفرائض، و"التمهيد" في أصول الفقه، وقد طبع في جامعة أم القرى في أريعة مجلدات، و"مناسك الحج".


(١) ذيل طبقات الحنابلة لإبن رجب ١/ ١١٦.
(٢) المصدر السابق، ١/ ١٢٠.
(٣) الفروع لإبن مفلح مع تصحيحه للمرراوي، ١/ ٥٢.