للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حميدة (١)، ثم رحل في طلب العلم بعد أخذه عن مشايخ بلدته، فأخذ عن شيخ دمشق ورئيس علمائها سليم بن ياسين العطار الشافعي (٢)، والعلامة محمد بن مصطفى الطنطاوي الأزهري، والشيخ علاء الدين عابدين الحنفي، ومفتي الحنابلة الشيخ أحمد بن حسن الشطي، وكذلك الشيخ محمد بن ياسين العطار، والشيخ بدر الدين الحسني (٣).

وسافر إلى أورويا، فزار إيطاليا وفرنسا ثم زار بعض دول المغرب كالجزائر وتونس (٤).

ويعد أن استكمل مرحلة التتلمذ واستوى على سوقه في مدة ست سنوات تقريبًا عكف على المطالعة بنفسه حتى برع في الكتاب والسنة والأصلين (٥)، والمذهب، ومعرفة الخلاف، وسائر العلوم العقلية والأدبية والرياضية (٦).

٣ - انتقاله إلى المذهب الحنبلي وما كان عليه السلف في الإعتقاد:

كان الشيخ ابن بدران في أول طريقه العلمي شافعي المذهب، ثم مال إلى مذهب الإمام أحمد (١)، وقد أشار إلى ذلك في كتابه "المدخل" فقال: وهذا ما وقع اختيارنا عليه من القول في هنا الموضوع، ليعلم المتبع لمذهب ما لأي معنى اتبعه، ولأي برهان اختاره دون غيره، فلا يكون متبعًا للهوى والمقليد الأعمى الضار، والتعصب الذميم (٧).

وكانت مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أقامت في نفسه القناعة بأفضلية المذهب الحنبلي (٨)، وفي ذلك يقول: "ثم منَّ الله علي فحبب إلي الإطلاع على


(١) المدخل ص ٤٨٨.
(٢) علامة الشام ص ١٠.
(٣) المصدر السابق ص ١١ - ١٣.
(٤) المصدر السابق ص ١٤.
(٥) كثيرًا ما تتكرر عبارة: "وبرع في الأصلين" وشبهها في تراجم المتأخرين. والمقصود بالأصلين: أصول الدين وأصول الفقه.
(٦) نبذة من ترجمة ابن بدران في مقدمة كتابه "المدخل" كتبها محمد بن سعيد الحنبلي العماني.
(٧) المدخل ص ١١٠.
(٨) سادت المفاضلة بين الأئمة الفقهاء والترجيح بين مذاهبهم سرًا طويلًا، وأخذت حيزًا واسعًا من تاريخنا الثقافي، وكان ينبغي أن ننظر إلى الأئمة الأربعة على أنهم كلهم أصحاب علم وفضل، وقد بذلوا جهدهم في الوصول إلى الحق، وهم مجتهدون كغيرهم من مجتهدي الأمة، إن أصابوا الحق فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد جزاء اجتهادهم، وكان رائدهم في خلافهم وآرائهم الحق واتباع الدليل، وقد ثبت عن كل منهم قوله: "إذا خالف قولي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالحجة في قول رسول الله، واضربوا بقولي عرض الحائط". ولم يكن منهم تعصب ولا نزاع ولا تعالٍ، بل كان التواضع والإحترام والحب، فجزاهم لله عن المسلمين خيرًا. =