للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتب عن مذهب أحمد وعلمائه وكتبهم، بل جمعها ودرسها، فحديثه حديث صاحب الخبرة. وييدو أنه تيسر له من كتب الحنابلة ومخطوطاتهم ما لم يتيسر لغيره، ومن هنا كان خاتمة الحنابلة بالشام، بل يكاد يكون أعلم الناس في عصره بكتب الحنابلة ومزاياهم في مختلف العلوم، من الأصول والفقه والحديث والتفسير، وغير ذلك.

وانتسابه إلى المذهب الحنبلي لم يشغله عن التعرف على المذاهب الأخرى والتفقه فيها، وإن كلامه على الأصول التي دونها أصحاب الإمام أحمد في كتابه "المدخل" ليكشف عن دراية واسعة بما هو مقرر عند المذاهب الأخرى من الآراء والمذاهب الأصولية.

والحق أن الرجل كان موسوعي الإطلاع، مشاركًا في الفنون، ذا نزعة استقلالية في الرأي المعتمد على الدليل، يرغب في معرفة الأدلة والإستنباط منها والإعتماد عليها وينحى على التقليد والمقلدين باللائمة والنقد.

٥ - صفاته وثناء العلماء عليه:

كان الشيخ ابن بدران ذا صفات علمية وخلقية حمدت بين العلماء، أثنى عليها كثير من الفضلاء، فمن ذلك:

• قال عنه خير الدين الزركلي -وهو من تلاميذه-: فقيه أصولي حنبلي، عارف بالآداب، والتاريخ ..... كان حسن المحاضرة كارهًا للمظاهر، قانعًا بالكفاف، لا يعنى بملبس ولا مأكل، يصبغ لحيته بالحناء، وريما ظهر أثر الصبغ على أطراف عمامته. ضعف بصره قبل الكهولة، وفُلجَ في أعوامه الأخيرة. ولي إفتاء الحنابلة (١).

• وقال عنه محمد تقي الدين الحصني: وهو متضلع من العلوم العصرية والفنون الكثيرة، اشتهر في الشعر والتاريخ .. كان سلفي العقيدة، يحب التقشف ويميل طبعه إلى الإنفراد عن الناس والبعد عن الأمراء ... وله اختصاص في علم الآثار والكتب القديمة، ومعرفة أسماء الرجال ومؤلفاتهم من صدر الإسلام إلى اليوم (٢).


(١) الأعلام ٤/ ٣٧.
(٢) علامة الشام ص ٣٢؛ نقلًا عن "منتخبات التواريخ لدمشق" ٢/ ٧٦٢ - ٧٦٣.