للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني

الحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد

ما إن نزل المنصور "بغداد" بعد أن ابتناها منتقلًا عن "الهاشمية" إليها حتى نقل إليها خزائنه ودواوينه، وفرغ لنشر العلوم، واستدعى إليها المترجمين، وبدأت حركة الترجمة، فترجم له عالم هندي كتابًا في علم حساب النجوم، وترجم ابن المقفع (١٠٦ - ١٤٢ هـ) كتب أرسطاطاليس في المنطق، وكتاب "كليلة ودمنة" في الأدب، وكان أول من أنشأ بها مدارس للطب والعلوم الإسلامية.

وكان أبو حنيفة (٨٠ - ١٥٠ هـ) قد جلس في الكوفة يؤسس مدرسة الرأي.

ثم جاء المهدي بن المنصور، وكان نقادة للشعر، أديبًا، وفي أيامه وضع له وزيره أبو عبيد الله معاوية بن يسار كتاب "الخراج" ذكر فيه أحكامه الشرعية ودقائقه وقواعده، وكان أول من صنف في الخراج , وتبعه الناس بعد ذلك، فصنفوا في هذا الفن. وألف. المفضل الضبي كتابه "المفضليات" المشهور في الأدب.

ثم جاء الرشيد، وكان راغبًا في العلم محبًا للعلماء يجلُّهم ويقرلهم، فاستقضى أبا يوسف صاحب أبي حنيفة، وألف له كلتاب "الخراج" الشهير. ويذل الرشيد الكثير من المال في سبيل خدمة العلم وتأسيس معاهده ومراكزه، وبلغت بغداد في أيامه مكانة لم تظفر بها مدينة في ذلك العهد، فأنشئت فيها المراصد والمكتبات والبيمارستانات (المشافي الجامعية) والمدارس، وإليه يعزى تأسيس "بيت الحكمة" الذي جمع له من الكتب شيئًا كثيرًا، وكان مجتمع المتصلين بالعلم والمشتغلين بالفن والراغبين في الأدب (١).


(١) مقدمة تحقيق "المعارف" لابن قتيبة للدكتور ثروت عكاشة ص ٧ - ١٠.