للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيكون ابن مفلح جامعاً لفروع المذهب، والمرداوي مصححاً ومنقحاً لها، لكن بقي اختلاف الروايات والوجو ٥ موجوداً في كلا تصنيفي الشيخين، فجاءت الفكرة بتكوين متن يجمع بين محاسن "الفروع" وتصحيحات المرداوي، ومن هنا تحرى الشيخ الحجاوي، -رَحِمَهُ اللهُ-، أن يستقصي في تجريد الفقه الحنبلي من ذكر الحلاف، وإنهائه -قَدْرَ المستطاع- إلى قول واحد، فنجد الكتاب خالياً إلى حدّ بعيد من ذكر الروايات والوجوه والتخريجات والإحتمالات. ثم إنه وضع "الإقناع" بعدما تهيأت له مادت ٥ من عمله في اختصار "المقنع" في كتابه المسمى "زاد المستقنع" بالإضافة إلى حواشيه التي علقها على كل من كتابي "التنقيح" و"الفروع".

ويهذا يكون "الإقناع" ثالث ثلاثة متون حازت اشتهاراً أيما اشتهار في مكتبة الفقه الحنبلي، وهي: مختصر الخرقي، والمقنع لإبن قدامة، والإقناع (١).

فالإقناع، بما تميز به من الميزات التي سبق ذكرها -وأهمها التجريد من الخلاف- صارت له عند الحنابلة المنزلة العظيمة، والمقام المنيف، وعلى مسائله تدور الفتيا والقضاء، وعكف عليه العلماء بالتحشية، والإختصار، وحل الغريب، وقد زاد اعتمادَه وقبولَه شرحُه الفرد الفريد لمحقق المذهب في زمانه: الشيخ منصور بن يونس البهوتي (ت ١٠٥١ هـ) المسمى "كشاف القناع".

وما أحسن ما أنشد الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي في تقريظ "الإقناع" (٢):

ياحبذا الإقناع درٌّ صافِ ... هو جامع للمنتهى والكافِ

ولمقنعٍ ومبدعٍ ورعايةٍ ... ومسائل التنقيح والإنصافِ

فإنْ الفروع مع الفنون وحاوِيٌ ... لمسائل المغني بغير خلافِ

فاظفر بروضٍ فيه نظم فائقٌ ... واظفر ببحر فيه درٌّ صافِ


(١) المدخل لإبن بدران ص ٤٣٦ - ٤٣٧.
(٢) وجد هذا التقريظ بمقدمة نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقمها (٢٦٠٣٩).