للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفس النحو مع وجود نفس العلة. (١)

ولما كان الاستقراء الناقص وسيلة من أبرز وسائل المبحث، لا يمكن الاستغناء عنه سواء في المبحث العلمي أو في الحياة العملية اليومية كان محل عناية من قبل المناطقة، والفلاسفة، وعلماء المناهج، محاولين إيجاد حلول منطقية للمشكلات التي تحول دون الوصول بنتيجته إلى العلم اليقيني أو إلى ما يقرب من ذلك.

وفيما يأتي فرض لخلاصة موقف مختلف المذاهب الفلسفية من هذه المشكلة، والمنهج الذي اتبعه كل مذهب لمحاولة حل هذه المشكلة، وبالتالي الوصول إلى تسويغ منطقي لصدق نتيجة الاستقراء الناقص.

أولًا: موقف الفكر الأرسطي من مشكلة الاستقراء:

لقد أدرك الفكر الأرسطي عُسر إيجاد جواب منطقي شاف ومقنع لهذه المشكلة، فاتجه في حلها إلى افتراض قضايا عقلية قبلية غير مبرهنة، وذلك بناءً على إيمانه بوجود معارف عقلية قبلية مستقلة عن الحس والتجربة.

- أما العنصر الأول من مشكلة الاستقراء فقد حله الفكر الأرسطي بالقول بمبدأ السببية الذي يقتضي أن لكل حادثة سببا، واعتباره مبدأً عقليًا لا يحتاج إلى إثبات أو برهان.

- أما العنصر الثاني منها فقد استعان في حله بمبدأ عقلي قبلي ينفي أن يكون اقتران الظاهرتين مجرد صدفة، ومفاده أن الإتفاق (الصدفة) لا يكون دائميًّا ولا أكثريّا، بمعنى أنه إذا تحرر اقتران شيئين في جميع الأحيان أو أكثرها، فإن ذلك لا يمكن أن يكون لمجرد الإتفاق (الصدفة)، بل لوجود رابطة سببيّة، فكلما وُجد هذا السبب أنتج مسبَّبَه.

- أما العنصر الثالث منها فقد حله باعتماد قضية عقليّة مستنبطة بطريقة برهانية من مبدأ السببيّة، مفادها أن الحالات المتشابهة من الطبيعة تؤدي إلى نتائج


(١) انظر محمد باقر الصدر: الأسس المنطقية للإستقراء، ص ٢٥ - ٢٧.

<<  <   >  >>