للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرازي رجح عدم إفادته الظن، إلّا إذا انضاف إليه دليل منفصل. (١)

وقد أشار ابن النجار عند حديثه عن الاستقراء الناقص إلى أمر مهم، وهو حالة وجود علة مؤثرة في الحكم، حيث يقول في تريف الاستقراء الناقص: "بأن يكون الاستقراء (بأكثر الجزئيات)، لإثبات الحكم للكلي المشترك بين جميع الجزئيات، بشرط أن لا تتبيَّن العلة المؤثرة في الحكم ... "، (٢) أي أنه إذا تبيَّن وجودُ علة مؤثرة، صار الإعتماد على العلة المؤثرة، ولم يبق الاستقراء مفيدًا مجرّد الظن، بل يصير مفيدًا اليقين، وهو الذي يسمى بالاستقراء المعلَّل، حيث يصير كل جزئي توفرت فيه تلك العلة محكومًا له بحكم ذلك الكلي.

وقد ذهب الغزالي إلى أن الاستقراء الناقص في دلالته على الفقهيات أقوى من التمثيل، الذي هو القياس الفقه. (٣) إلّا أن صاحب الإبهاج في شرح المنهاج اعترض على هذا بقوله: "هذا مدخول، لأنه يُشترط في إلحاق الجزئي بالجزئي الآخر أن يكون بالجامع الذي هو علة الحكم، وليس الأمر كذلك في الاستقراء، بل هو حكم على الكلي بمجرد ثبوته في أكثر جزئياته، ولا يمتنع عقلًا أن يكون بعض الأنواع مخالفًا للنوع الآخر في الحكم، وإن اندرجَا تحت جنس واحد". (٤)


(١) انظر الرازي: المحصول، ج ٦، ص ١٦١.
(٢) ابن النجار: شرح الكوكب المنير، ج ٤، ص ٤١٩.
(٣) انظر الغزالي: معيار العلم في فن المنطق، ص ١٥٠.
(٤) السبكي، تقي الدين والسبكي، تاج الدين: الإبهاج في شرح المنهاج، مطبوع على هامش نهاية السول، (مصر: مطبعة التوفيق الأدبية، د. ط، د. ت)، ج ٦٣ ص ١١٤، وانظر ما نقله العبادي في الآيات البينات عن الصفي
الهندي. الآيات البينات، ج ٤، ص ٢٤٧ - ٢٤٨.

<<  <   >  >>