للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا - مسائل تتعلق بالأمر والنهى: ومن ذلك المسائل الآتية:

١ - إثبات قاعدة: أن المطلوب الشرعي الذي يكون فيه الطبع الإنساني باعثًا على مقتضى الطلب وخادمًا له لا يلجأ الشارع عادة إلى تأكيده ووضع حدود له وترتيب عقوبات عليه، بخلاف ما كان على عكس ذلك. فقد قسم الشاطبي المطلوب الشرعي إلى ضربين: الأول ما كان شاهدُ الطبع خادمًا له ومعينًا عليه، بحيث يكون الطبع الإنساني باعثًا على مقتضى الطلب، ومن أمثلة ذلك الأكل، والشرب، والجماع، والبعد عن استعمال القاذورات وأكلها، وغير ذلك. وهذا النوع قد يكتفي الشارع في طلبه عادة بمقتضى الجبلة الطبعية، والعادات الجارية، فلا يؤكد طلبَه تأكيدَه لغيره، اكتفاءً بالوازع الباعث على الموافقة دون المخالفة.

والضرب الثاني: هو ما لم يكن شاهدُ الطبع خادمًا له ولا معينًا عليه، وإنما هو من باب التكاليف التي قد تجري على خلاف هوى الأنفس، ومثال ذلك العبادات، والجنايات. وهذا النوع قرره الشارع على مقتضاه من التأكيد في المؤكدات، والتخفيف في المخففات. ولذلك حَدَّ الشارع لهذا النوع حدودًا معلومة، ووضع له عقوبات معينة، إبلاغًا في الزجر عما تقتضيه الطباع. وما قيل في أنواع المطلوب الشرعي ينطبق تمامًا على المنهيات الشرعية. (١)

٢ - إثبات قاعدة: أن "الأمر والنهي إذا تَوَارَدَا على متلازمين، فكان أحدهما مأمورًا به والآخر منهيًّا عنه عند فرض الإنفراد، وكان أحدهما في حُكم التَّبَعِ للآخر وجودًا أو عدمًا فإن المعتبر من الإقتضائين ما انصرف إلى جهة المتبوع، وأما ما انصرف إلى جهة التابع فملغي وساقط الإعتبار شرعًا". (٢)

خامسًا - مسائل تتعلق بالعموم، ومن ذلك المسائل الآتية،

١ - إثبات العموم، حيث يرى الشاطبي أن العموم يثبت من طريقين:

الأول: جهة صيغ العموم المعروفة في كلام أهل الأصول.


(١) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ٢، ج ٣، ص ٩٩ - ١٠٢.
(٢) المصدر السابق، مج ٢، ج ٣، ص ١٢٣.

<<  <   >  >>