للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعًا - إثبات حجية الأدلة الشرعية: ومن ذلك:

١ - إثبات حجية المصلحة المرسلة: فمما اعتبره الشاطبي ثابتًا بالاستقراء المعنوي المصلحة المرسلة، إذْ المصلحة أصل شرعي وإن لم يشهد له نص معين بالاعتبار إلَّا أنه لما كان ملائمًا لتصرفات الشرع، ومأخوذًا معناه من أدلته كان أصلًا صحيحًا يُبنى عليه ويرجع إليه. (١)

٢ - كما نَبَّهَ على أن حجية كلٍّ من خبر الآحاد، والإجماع، والقياس ثابتة بالاستقراء المعنوي، وإن لم يصرح بذلك الجمهور الذين أثبتوا حجيتها. (٢)

ثامنًا - وجه اقتضاء الأدلة للأحكام بالنسبة لمحالِّها:

حيث استدل بالاستقراء على أن اقتضاء الأدلة للأحكام بالنسبة لمحالهِّا على وجهين: أحدهما الإقتضاء الأصلي قبل طروء العوارض، وهو الواقع على الْمَحَل مجردًا من التوابع والإضافات كالحكم بإباحة الصيد، والبيع، والإجارة، وغير ذلك، والثاني الإقتضاء التَّبَعِي: وهو الواقع على الْمَحَلّ مع اعتبار التوابع والإضافات، كالأحكام العارضة للنكاح فإنه يحكم عليه بالإباحة لمن لا إِرْبَ له في النساء، وبالوجوب على من خشي العنت، وغيرها من الأحكام الخمسة، فهذه الأحكام ليست بالإقتضاء الأصلي وإنما باعتبار الظروف والعوارض التي يَتَّصِف بها المحكوم عليه. والأصل في الإستدلال أن يأخذ المستدلُ الدليلَ على الحُكْم مفردًا مجردًا عن اعتبار الواقع حتى يصحَّ استدلاله، إلّا إذا اقترن المناط بأمر محتاج إلى اعتباره في الإستدلال، فعند ذلك لا بُدَّ من اعتباره. وبعد أن استعرض جملة من الأمثلة للتدليل على ما ذهب إليه قال: "والأمثلة في هذا المعنى لا تحصى، واستقراؤها من الشريعة يفيد العلم بصحة هذا التفصيل". (٣)


(١) انظر المصدر السابق، مج ١، ج ٢، ص ٢٧.
(٢) انظر الشاطبي: الموافقات، مج ١، ج ٢، ص ٢٥.
(٣) المصدر السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٥٨ - ٥٩.

<<  <   >  >>