للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - احتمال قيام المعارِضَات لشواهد الاستقراء. فقيام المعارِضَات لشواهد الاستقراء قادح في نتيجته؛ فإن احتمال وجود هذه المعارِضات سيدخلُ -ولا شكّ- عنصرَ الظن على نتجيته، وذلك بحسب قوة هذه الإحتمالات، فكلما قويّ احتمال قيام المعارض قويّ عنصرُ الظن لدى المجتهد في نتيجة استقرائه. (١)

٤ - ما تتصف به النصوص من عموم أو جزئية، فإذا كانت النصوص المستقرأة عمومات وكليات، كانت صالحة لأن يثمر استقراؤها نتيجة قطعية، أما إذا كانت جزئية فإن نتيجة استقرائها لا تعدو عادة أن تكون ظنية. (٢)

٥ - قطعية وظنية الثبوت، إذْ يشترط ابن عاشور في النصوص التي يمكن أن يؤدي استقراؤها إلى نتيجة قطعية أن تكون قطعية الثبوت، أي يقينية النسبة إلى الشارع الحكيم، أوعلى الأقل يكون بعضها كذلك. (٣)

وبناءً على ما سبق يكون الاستقراء الذي يُثْمِر مقاصدَ قطعية هو الذي يشمل أدلة متكررة من القرآن تكرُّرًا ينفي احتمال أن يُقْصَدَ منها المجاز والمبالغة، (٤) وتكون هذه الأدلة عمومات أو نصوصًا في معانيها، وتكون كلها قطعية المتن (أي وردت متواترة، وهي إما من القرآن أو السنة المتواترة) أو على الأقل أكثرها تتصف بهذه الصفات، ولا بأس أن تدعم بعد ذلك بأدلة من السنة ظنية الورود. فمثل هذا الاستقراء الذي تتوافر فيه هذه الشروط ولو كان ناقصًا يثمر مقاصد قطعية.

ومثال الاستقراء الذي يثمر مقصدًا شرعيًّا قطعيًّا، استقراء جملة الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي نَصَّت على اليُسْر ورفع الحرج أو أومأت إليه، وهي كثيرة جدّا، "فمثل هذا الاستقراء يخول للباحث عن مقاصد الشريعة أن يقول إن من مقاصد الشريعة التيسير، لأن الأدلة المستقرأة في ذلك كله عمومات متكررة، وكلها قطعية النسبة إلى الشارع لأنها من القرآن، وهو قطعي المتن". (٥)


(١) انظر المصدر السابق، ص ١٦١.
(٢) انظر المصدر السابق، ص ١٦٠ - ١٦١، ١٨٩.
(٣) انظر المصدر السابق، ص ١٦٠.
(٤) محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص ١٥٩.
(٥) المصدر السابق، ص ١٦٠.

<<  <   >  >>