للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غرَّر بنفسه وماله تغريراً وتَغِرَّة: عرضهما للهلكة من غير أن يعرف، والإسم الغرر (١)

أما اصطلاحاً: فهو"بيع ما لا يعلم حصوله، أو لا يقدر على تسليمه، أو لا يعرف حقيقة مقداره". (٢)

والغرر مراتب: فمنه الغرر اليسير الذي يُتَسامح في مثله عادة، وهو الغرر الذي لا تكاد تخلو منه معاملة عادة، وهناك الغرر الفاحش الذي يضر بمصلحة أحد المتعاقدين أوكلميهما، وهو الذي لا يُتَسامح في مثله عادة، وهناك مراتب بين هذين الطرفين قد يختلف العلماء في إلحاق كل منها بالطرف الأول (المعفو عنه)، أو بالطرف الثاني (الذي جاء الشارع بإبطاله). والغرر المعنيّ بالاستقراء هنا هو الغرر الفاحش، وما أُلحِق به.

أولاً - الغرر في صيغة العقد،

المراد بالغرر في صيغة العقد أن ينعقد العقد على صفة تجعل فيه غرراً، أي أن الغرر يتصل بنفس العقد لا بمحله. ويتضمن الغرر في صيغة العقد خمسة أنواع: بيعتان في بيعة، بيع العربان، بيع الحصاة، بيع الملامسة، بيع المنابذة.

١ - بيعتان في بيعة:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "نَهى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ" (٣)

وقد اتفق الفقهاء جميعاً على القول بموجَب أحاديث النهي عن بيعتين في بيعة، فمنعوا أن يبيع الشخص بيعتين في بيعة لما في ذلك من غرر ولكنهم اختلفوا في تفسير الصور التي يطلق عليها هذا الإسم والتي لا يطلق عليها. (٤)


(١) ابن منظور: لسان العرب، ج ٥، ص ١١ وما بعدها.
(٢) ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١٥، ١٩٨٧ م)، ج ٥، ص ٨١٨.
(٣) رواه الترمذي: سنن الترمذي، كتاب البيوع، باب (١٨): ج ٣، ص ٥٣٣.
(٤) انظر تفصيل المسألة في ابن رشد: بداية المجتهد، ج ٢، ص ١١٥. فالبعض يرى أن معناها أن يقول البائع: بعتك هذه السلعة بعشرة نقداً، وبخمسة عشر إلى سنة، فيقول المشتري: قبلت من غير أن يعين بأي ثمن اشترى. وقال البعض معناها أن يبيع الرجل سلعة لآخر على أن يبيعه الآخر سلعة أخرى، كأن يقول له: بعتك هذه الدار بألف على أن تبيعني سيارتك هذه بخمسمائة. وقال البعض الآخر معناها أن يتناول عقد البيع بيعتين على إلَّا تتم منهما إلَّا واحدة مع لزوم العقد.

<<  <   >  >>