للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - روى البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ الله لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ. فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ". (١)

٥ - روى البخاري أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ الله. قَالَ: "الإِشْرَاكُ بالله وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ" وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: "أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ"، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لَا يَسْكُتُ". (٢)

فتغيير الجلسة تنبيه للسامعين أن ما سيقوله بعد ذلك أمر جلل، وأن خطورته تستدعي الإستواء له جالسا، ويأتي بعد ذلك تكرار ذكر الكبائر علامة أخرى لتأكيد عِظَم حرمتها وتحذير المسلمين من مَغَبَّة الوقوع فيها.

وكثيرًا ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - الإكتفاء بالتعبير بالإشارة عوضًا عن الكلام، ومن ذلك:

١ - ما أخرجه البخاري عن كَعْب بْن مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ (٣) حُجْرَتِهِ وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: "يا كَعْبُ". قَالَ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ الله. فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ. قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يا رَسُولَ الله. قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُمْ فَاقْضِهِ". (٤)

٢ - وما أخرجه البخاري أيضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ". (٥)


(١) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب (٢٨)، مج ١، ج ١، ص ٣٨، (الحديث ٩٠).
(٢) المصدر السابق، كتاب الأدب، باب (٦)، مج ٤، ج ٧، ص ٩٣، الحديث (٥٩٧٦).
(٣) السجف: الستر. انظر ابن منظور: لسان العرب، ج ٩، ص ١٤٤.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب (٨٣)، مج ١، ج ١، ص ١٥١، الحديث (٤٧١).
(٥) المصدر السابق، كتاب الأذان، باب (١٣٤)، مج ١، ج ١، ص ٢٤٥، الحديث (٨١٢).

<<  <   >  >>