للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصيغة، (١) والمطابقة، (٢) والربط. (٣) وهذه القرائن كلها بتضامَّها مع القرائن المعنوية تسهم في تحديد معنى المقال للنص.

ووظيفة القرائن المقالية (اللفظية والمعنوية) هي تحديد المعنى النحوي للكلمات، فهي المسؤولة عن وضوح المعنى وأمن اللبس الذي قد ينتج عن تعدّد المعنى الوظيفي للكلمات. وتحديد المعنى النحوي ينتج عنه تحديد "معنى المقال"، أي المعنى اللغوي المجرد للنص، ثُمّ يُعرض هذا المعنى اللغوي على المقام الذي ورد فيه الخطاب ليتبيّن بعد ذلك هل هذا المعنى اللغوي (ظاهر النص) هو المقصود، أم أن المقصودَ غيره، حيث تؤدي القرائن الحالية والسياق العام للنص الوظيفة الأساسية في تحديد المقصود منه. فالقرائن المقالية تحدَّد المعنى النحوي (المعنى اللغوي) للكلمات، ولكن هذا المعنى مع تحديده من قِبَل القرائن المقالية قد يبقى فيه احتمالُ أكثرَ من معنى، أو بتعبير آخر يبقى النص صالحًا لأن يُستعمل في أكثر من معنى، فتأتي القرائن الحالية لتعيننا على تحديد المراد منه: هل هو كلّ المعاني التي يصلح لها؟ أم أنه مخصوص بمعنى من المعاني التي يحددها المقام؟ ولذلك يعرِّف ابن قيم الجوزية الفقه بأنه: "فهم مراد المتكلّم من كلامه، وهذا قدر زائد على مجرد فهم وضع اللفظ في اللغة، وبحسب تفاوت مراتب الناس في هذا تتفاوت مراتبهم في الفقه والعلم". (٤)


(١) مبني الصيغة هو الذي يحدد نوع الكلمة: هل هي فعل، أم اسم، أم حرف؛ إذ لكل نوع صيغته الخاصة، وهو الذي يحدد لنا كون الفعل -مثلاً- لازمًا أو متعديًّا، وهو الذي يحدد لنا المصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والظرف، والفعل الذي يدل على المشاركة، ويميز التوكيد اللفظي من المعنوي ... إلخ. وكل هذا يُعِين -مع القرائن الأخرى- في تحديد الموقع الإعرابي للكلمة، ومن ثَمَّ تحديد معناها في الجملة. انظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، ص ٢١٠ - ٢١١.
(٢) مجال المطابقة هو الصيغ والضمائر، مثل التطابق بين الصفة والموصوف، وبين الاسمين والفعلين المضارعين المتعاطفين، وتكون المطابقة في العلامة الإعرابية، والشخص (التكلم، والخطاب، والغيبة)، والعدد، والنوع (التذكير والتأنيث)، والتعيين (التعريف والتنكير). انظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، ص ٢١١ - ٢١٣.
(٣) يُعدّ الربط قرينة لفظية على اتصال أحد المترابطين بالآخر، ويكون بين المبتدأ وخبره، وبين الحال وصاحبه، وبين المنعوت ونعته، وبين الشرط وجوابه ... إلخ. ويتم الربط بالضمير العائد، وبالحرف، وبإعادة اللفظ، وباسم الإشارة، وبدخول أحد المترابطين في عموم الآخر ... إلخ. انظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، ص ٢١٣ - ٢١٦.
(٤) ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق وضبط محمد محيي الدين عبد الحميد، (بيروت: دار الفكر، ط ٢، ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م)، ج ١، ص ٢١٩.

<<  <   >  >>