للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوكيل ففيه طريقان، قيل: قوله واحد يجوز وقيل: هو بناء على [٩٠ ب/٤] ما ذكرنا من جواز تقديم النية على الدفع فإن قلنا: لا يجوز ذلك لا يجوز هاهنا، وإن دفعها إلى الوالي فإن نويا معًا أو نوى رب المال دون الوالي أجزأه قولًا واحدًا، لأن يد الإمام يد المساكين فإنه يسقط فرضه بالدفع إليه، ولو دفع الزكاة إلى المساكين ولم ينو المساكين جاز فكذلك إذا لم ينو الإمام وإن نوى الوالي دون رب المال المذهب أنه يجوز، لأنه لا يدفع إليه إلا الفرض فاكتفي بالظاهر عن النية، ومن أصحابنا من قال: وهو الأقيس لا يجوز لأن الإمام كالوكيل في أنه نائب الفقراء، وتأؤل هذا القائل نص الشافعي على أن من امتنع من أداء الزكاة فأخذها الإمام منه قهرًا فإنها تجزيه لأنه تعذرت النية من جهته فقامت نية الإمام مقام نيته، ومن أصحابنا من قال: في الحكم يجوز وفي الباطن لا يجوز وهو ضعيف، وإن لم ينو الإمام ولا رب المال نص في "الأم": أنه يجوز لأنه قال: وإذا أخذ الوالي من رجل زكاة بلا نية من الرجل في دفعها إليه طائعًا كان الرجل أو مكرهًا ولا نية للوالي الأخذ في أخذها من صاحب الزكاة أو له نية تجوز وهذا لأن أخذ الإمام أو دفعه إلى الإمام الظاهر منه أنه [٩١ أ/٤] فرضه لأنه لا يأخذ إلا الواجب ولا يدفع إليه إلا الصدقة الواجبة فقام ذلك مقام النية بخلاف ما إذا وكل ولم ينو لا الوكيل ولا الموكل لا يجوز لأنه ليس في دفعه إلى الوكيل ظاهر يدل على أنه فرضه، فلابد من نية الموكل وهذا النص يمنع التأويل السابق، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز هاهنا لأنه نفذت النية المشروطة في الأداء، ومن أصحابنا بخراسان من قال: إذا أخذ بالإكراه لا يجوز فيما بينه وبين الله تعالى وهل يجوز في الحكم وجهان، وهذا خلاف النص، وقال أبو حنيفة: لا يأخذ الإمام الزكاة من الممتنع بل يحبسه حتى يؤدي، قال الشافعي (١): كما ينوب عنه في القسم ينوب عنه في النية.

مسألة: قال (٢): وأُحِبُّ أنْ يَتَوَلَّى الرَّجلُ قسمَتَهَا عنْ نَفْسِهِ.

الفصل

وهذا كما قال: هذه المسألة تنبني على أصل وهو أن المال ضربان، باطن وظاهر، وإن شئت قلت: صامت وناطق فالباطن يجوز أن يقسم زكاته بنفسه، وأما الظاهر فهل له أن يقسم زكاته بنفسه؟ فيه قولان، قال في القديم: ليس له ويجب دفعه إلى الإمام فإن فرقها بنفسه ضمن لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] وبه قال أبو حنيفة ومالك، وقال في الجديد: له ذلك وبه قال الحسن [٩١ ب/٤] والنخعي ومكحول: لأنها زكاة واجبة كزكاة أمواله الباطنة، فإذا قلنا بقوله القديم لا يقال في هذا أفضل ولا غير أفضل، لأنه لا يجوز إلا وجهًا واحدًا، فإذا قلنا بقوله الجديد: هل للإمام المطالبة؟ منهم من قال: لا يطالب إذا علم أنهم يؤدونها بأنفسهم كما لو علم أنهم يصلون لا يطالبهم بها، ومنهم من قال: له المطالبة إذا أدى اجتهاده إليه لا على


(١) انظر الأم (٢/ ١٩).
(٢) انظر الأم (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>