للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك وأحمد: هو محرم ولا يسقط فيه الصدقة وهذا غلط، لما قال الشافعي، وإنما تجب الصدقة بالملك والحول لا بالفرار يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" وهذا المال بعد المبادلة لم يحل عليه الحول، وإن لم يقصد به الفرار بل كله أو بعضه بحاجة من قضاء دينه أو أهداه لم يكره [٩٧ أ/٤] ولا زكاة بلا إشكال.

مسألة: قال (١): "ولو رَدَّ إحداهما بعيبٍ قَبْلَ الحَوْلٍ".

الفصل

وهذا كما قال: المبادلة في الحقيقة هي بيع يثبت فيه الرد بالعيب فإذا تراد بعيب أو غيره استأنف كل واحد منهما حوله من ذلك الوقت لتبدل الملكين وهذا لأن الرد بالعيب هو فسخ في الحال، وليس بدفع للعقد من الأصل، وقال أبو حنيفة: إن رد بالعيب وإن وجد العيب بعد تمام الحول فإن كان أخرج الزكاة من غيرها كان له الرد بالعيب قولًا واحدًا سواء قلنا: إن الزكاة في الذمة أو قلنا: إنها في العين ومن أصحابنا من قال: فيه وجه آخر: أنه لا يرد إذا قلنا: إن الزكاة في العين لأنه زال ملكه ثم عاد الملك بأداء الزكاة من غيرها كما لو اشترى وباع ثم ملك ثم وجد عيبًا قديمًا لا يرد في أحد الوجهين وهذا لا يصح، لأنه استدرك الظلامة بالبيع ولم يستدرك هاهنا، وقد تحقق زوال الملك هناك حتى لا يعود إلا بالرضا من آخر أو بسبب يوجب الملك وهاهنا لا يتحقق لأن له أداء الزكاة من موضع آخر، وقال القفال: إن قلنا: إنَّ الزكاة في الذمة أو تتعلق بالعين تعلق الجناية فله الرد كما لو رهنه ثم فكه ثم وجد به عيبًا آخر أو جنى العبد ففداه السيّد ثم وجد به عيبًا [٩٧ ب/٤] فله الرد فإن قلنا: على معنى الشركة ففيه وجهان، إحداهما: الرد لأن هذه الشركة لا تتحقق على ما ذكرنا، والثاني: لا يرد لأنه زال ملكه عن شاة لا بعينها ثم عاد ملكها، ومن أصحابنا بخراسان من قال: وإن قلنا: يتعلق تعلق الجناية وجهان أيضًا، لأن في مسألة الجناية وجهين وهو ضعيف، فإذا قلنا: يرد رد الكل واستأنف الحول فيما عاد إليه وإذا قلنا: لا يرد شيئًا هاهنا قولًا واحدًا سواء قلنا: الصفقة تفرق أو لا تفرق لأن التي سقط ردها بالعيب غير متعينة فلا يمكن رد ما عداها ويمتنع الرد في الكل، ومن أصحابنا من قال: يرد ما عدا الزكاة إذا قلنا: الصفقة تفرق وهو غلط ظاهر وإن كان قد أخرج الزكاة من عينها قال الشافعي: لم يكن له ردها ناقصة كما أخذه ويرجع بأرش العيب من أصل الثمن وهذا إذا قلنا: إن الصفقة لا تفرق، فأما إذا قلنا: إن الصفقة تفرق رد ما بقي بقسطه من الثمن فحصل قولان فإن اختلفا في قيمة التالف قال الشافعي القول قول البائع لأنه هو المأخوذ منه الثمن، قال الربيع: في قول آخر: إن القول قول المشتري لأنَّ الشيء تلف في يده فكان القول قوله، والأول أصح، وأجود فإذا قلنا: لا يرد يرجع [٩٨ أ/٤]


(١) انظر الأم (١/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>