للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاعًا على التقريب وهذا اختيار القفال ومشايخ خراسان ثم اعلم أنه روى عن النبي صلى الله عليه ولم أنه "نهى عن جداد الليل" (١) وهو صرام النخل ليلًا وهذا ليكون الصرام في النهار فينال الناس من ثمرها فيستحب ذلك، وحكي عن مجاهد والنخعي والشعبي أنهم قالوا تجب الصدقة من الزرع والثمار وقت الصرام والحصاد ثم يجب [١٠٧ ب/٤] العشر بعد التصفية لقوله تعالى: {وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس في المال حق سوى الزكاة"، وأراد بالآية الزكاة والاستحباب.

مسألة: قال (٢): والخليطانِ في أصلِ النَّخلِ يُصدقانِ صَدَقَةَ الواحدِ.

وهذا كما قال: إذا كان له أقل من النصاب قد ذكرنا أنه لا زكاة عليه فإن كانت له خلطة مع آخر وتم نصيبها نصابًا فقد ذكرنا في الخلطة فيما عدا المواشي قولين والمشهور ما ذكر هاهنا أنه يثبت حكمها في الزكاة فإذا تقرر هذا فرّع الشافعي على هذا مسألة: وهي أن الرجل إذا مات وخلف نخلًا فورثه ورثته واقتسموا الثمرة بعد وجوب الزكاة فنفرض المسألة فيه إذا مات وخلف اثنين ونخلتين فورثاهما حتى تتضح المسألة فإذا ورثا نخلتين وهما مثمرتان أو كانتا غير مثمرتين فأثمرتا فالثمرة مشتركة بينهما فإن قلنا: إن الخلطة لا تصح بكل واحد منهما يخاطب بالزكاة في حقه على الانفراد فإن نصيبه نصابًا زكاة وإلا فلا زكاة وإن قلنا: إن الخلطة تصح نظر فإن اقتسما قبل وجوب الزكاة في الثمرة وهو قبل بدو صلاحها سقط حكم الخلطة ويزكيان زكاة الانفراد وإن كانا خليطين فيما قبل كما [١٠٨ أ/٤] لو كانت لهما أربعون شاة من الغنم في أول الحول ثم اقتسما قبل الحول لا زكاة على واحد منهما حتى بدا الصلاح في الثمرة نظر، فإن لم يبلغ قدر الثمرة خسمة أوسق لا زكاة، وإن بلغ خمسة أوسق ففيها الزكاة ثم القسمة هل تصح قبل إخراج الزكاة عنها على ما تقدم بيانه من البناء على القولين أنها استحقاق جزء من العين أو في الذمة من الموجود ورجع المأخوذ منه على شريكه بنصف ما أخذ منه وعلل الشافعي هذه المسألة فقال (٣): لأن أول وجوبها كان وهم شركاء أراد أن وقت وجوب الزكاة في الثمار هو عند بدو الصلاح فتلك الحالة هي بمنزلة قولان جميع الحول في النقود والمواشي فإذا تقرر هذا فقد اعترض المزني على هذا فقال: هذا عندي غير جائز في أصله لأن القسم عنده كالبيع ولا يجوز بيع الثمرة جزافًا ومع الجذوع لا يضر وإنما يضر ذلك إذا انفردت الثمرة قلنا مذهب الشافعي أن تبيع الذهب مع عرض بعرض وذهب لا يجوز وكذلك التمر بالتمر وكل ما فيه الربا مع غيره لا يجوز وهاهنا تمر وجذع بثمر وجذع فلا يجوز وإنما قال عنده وقيد به لأن عن أبي حنيفة يجوز ذلك والجواز عن هذا إنما ذكره الشافعي على القول [١٠٨ ب/٤] الذي يقول القسمة إفراز حق.


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩/ ٢٩٠)، والطبراني كما في "مجمع الزاوئد" (٣/ ٧٧، والخطيب في "تاريخه" (١٢/ ٣٧٢).
(٢) انظر الأم (١/ ٢٢٣).
(٣) انظر الأم (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>