للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: قال (١): ولا يُؤخَذُ زَكَاةُ شيئٍ مما يَيَبسُ حتى ييبسَ ويُدرَسَ.

وهذا كما قال قد ذكرنا وقت وجوب الزكاة في الثمار [١٢٩ أ/٤] فأما في الحب فإنه تجب إذا اشتد قال ابن سريج: إذا اشتد الحب واصفر الزرع وحان حصاده, وقال في القديم وقت الوجوب قبل وقت الحصاد وقيل عند الحصاد والمذهب ما ذكره ابن سريج وأما وقت الإخراج فلا يخرج إلا في أكمل الأحوال فإن كان مما يبقى مثل الحبوب فإذا داسوه وذروه وصفوه يبحث يطحن على جهته أخرجوا عشرة وإن كان مما ييبس ويجفف كالرطب والعنب فإذا ردوه إلى الجرين وجففوه وأخرجوا عشره ويكون مؤنة ذلك على رب المال والأصل فيه خبر عتاب بن أسيد "ثم يؤدي زكاته زبيبًا" كما يؤدي زكاة النخل تمرًا, وقال عطاء تحتسب المؤنة من أصل المال ثم يؤدي العشر من الباقي وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشر", وعلى قوله يجب أقل من العشر ولأن مؤنة الحيوان السائمة الزكاتية على رب المال من أجره الراعي ونحو ذلك كذلك ها هنا فإذا تقرر هذا فإن سأل أهل الحنطة أن يؤخذ منه العشر في سنبلها لم يكن له ذلك لأنه ليس في حال يدخر عليه في الغالب ولأنه مجهول المقدار قيل أليس يأخذون العلس في قشرته [١٢٩ ب/٤] وكذلك الأرز في قشره فما الفرق؟ قلنا الفرق أن هناك يعلم ما ينقص منه بالتقشير من طريق العرف والعادة فلا يؤدي إلى الجهل بمقداره بخلاف هذا وأعلم أن العلس هو نوع من الحنطة يخالف أنواعها لأنه إذا دس بقيت حبهان في كمام ولا يزول حتى يدق أو يطرح في رحى خفيفة فيقشر كالأرز وإذا قشر لا يبقى بقاء الحنطة في كمامها ويبقى بعد الدراسة قشرتان فإذا أرادوا الخبر نحوا عنها القشرة العليا وطحنوها في الثانية لأن القشرة الثانية مثل قشرة النوع الآخر من الحنطة فإن كان قد نحى عنها القشرة العليا اعتبر أن يكون مقداره قدر خمسة أوسق وإن كانت عليه القشرة العليا اعتبر أن يكون مقداره عشرة أوسق وإلا لا تجب الزكاة وكذلك الرز عليه قشرة لا ينتفع بها مثل العلس سواء, فإن أخرجه من قشرة اعتبر أن يكون وإذا لم يخرجه اعتبر أن يكون عشرة أوسق هكذا قال بعض أصحابنا وهو اختيار القاضي الطبري.

وحكي عن الشيخ أبي حامد أنه قال: يذهب من الأرز الثلث إذا قشر فلا زكاة فيه حتى يكون سبعة أوسق ونصفًا غير مقشرًا ويكون خمسة أوسق مقشرًا والأول أصح لأن جريبًا [١٣٠ أ/٤] واحدًا من الأرز على التقريب أربعون ثمنًا فيذهب عنه عشرون ثمنًا ويبقى عشرون ثمنًا.

فرع

هل يعتبر أن يكون الباقلى خمسة أوسق بعد التصفية عن العشر التحتاني وجهان:

إحداهما: لا يعتبر لأنه مدخر معه ويطحن معه ولا تزال تلك القشرة إلا عند الأكل.


(١) انظر الأم (١/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>