للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصير تمرًا فالواجب عليه عشرها تمرًا من الوسط وقد بيناه من قبل، وقال بعض أصحابنا في هذه العبارة خلل من المزني وإنما عبر الشافعي بما معناه أخذ بعشر وسطها تمرًا وأجاب على القول الذي يقول: الخرص تضمين، فأما إذا جعلناه عبرة فعليه عشر قيمة ما استهلك لا عشر ثمن وسطها وذكر التمر هو سهو من المزني وقال صاحب [الإفصاح] إذا خرص عليه ولم يضمنه ويصير تمرًا فإنه يلزمه أكثر الأمرين من ثمن عشرها رطبًا أو عشرها تمرًا وهذا لا يصح لأنه هذا لا يصح، لأنه أخذ القسمة ولأن اعتبار الأكثر لا معنى له وإنما الواجب عليه عشرها تمرًا ومعنى المسألة ما تقدم، ولا يحتمل غيره ثم قال (١) [١٩٩ أ/ ٤] الشافعي والقول في ذلك قوله مع يمينه أي: في قدر مكليه ما استهلك لأنه غارم وقد ذكرنا أن مثل هذه اليمين هل تجب أم لا؟ فيه وجهان.

مسألة: قال (٢): ولو باع المصدق شيئًا فعليه أن يأتي بمثله.

وهذا كما قال: إذا جمع الساعي الصدقات فلا يجوز أن يبيع منها شيئًا لأن المساكين أهل رشد فلا يجوز التصرف في حقوقهم من غير حاجة فإن كانت به حاجة إلى أن البيع مثل أن تكون بلد ليس فيه أهل السهمان فيريد نقلها إلى بلد آخر والطريق مخوف فيبيعها ويجعل ثمنها مستحقة إلى بلد آخر، وكذلك إن لم يكن الطريق مخوفًا ولكن يحتاج في نقلها إلى ملك البلد إلى مؤنة عظيمة أو احتاج إلى دفع الجبران بين السنين دراهم ولا يجد في الصدقات دراهم فيجوز في البيع لأنه ناظر في هذا المال فيفعل ما يؤدي إليه نظره فإن باع في غير موضع الحاجة فالبيع باطل فإن كان يقدر على استرجاعه استرجع، وإن لم يقدر عليه لزمه مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ورجع على المشتري إذا قدر عليه بما غرم، وقول الشافعي هاهنا فعليه [١٩٩ ب/ ٤] أن يأتي بمثله يعني فعليه أن يغرم للمساكين مثله صورة أو قيمة وقوله: وأفسخ بيعه إذا قدرت عليه أي: أحكم بالإفساح ولم يرد به مباشرة الفسخ.

مسألة: قال (٣): وأكره للرجل أن يشتري صدقته.

الفصل

وهذا كما قال: إذا أخرج زكاة ماله يكره له أن يشتريها من الذي دفعها إليه وقوله إذا وصلت إلى أهلها أراد إذا لزمت بقبض المساكين أو بقبض باقيهم وهو الساعي والدليل على الكراهة ما روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل رجلًا على فرس في سبيل الله ثم رأى الفرس تباع في السوق فأراد أن يشتريه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نقد في صدقتك" (٤) وهذا لأنه ربما يحابيه في الثمن إذا عرف أنه تبرع به فكأنه يعود في قدر المحاباة، وإن لم يعرف البائع الحال قال القفال: الكراهة أقل ولكن الأولى تركه


(١) انظر الأم (٢/ ٤٦).
(٢) انظر الأم (٢/ ٤٧).
(٣) انظر الأم (٢/ ٤٨).
(٤) أخرجه البخاري (٢٩٧٠)، ومسلم (٢/ ١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>