للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزني: رويي لي عنه من أثق به أن الحول يعتبر فيه، وإنما لم يذكر اسم من أخبره به عنه لأن امرأة أخبرته به عنه وهي أخت المزني وأومى إلى هذا في "مختصر البويطي" فقال أصحابنا في المسألة قولان: أشهرهما: أنه لا يعتبر فيه الحول وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد ووجهه: أنها زكاة واجبة فيما يستفاد من الأرض فلا يعتبر فيه الحول كالزرع وهذا لأن الحول إنما يعتبر للتمكن من تنمية المال وتمييزه، والمستخرج من المعدن نما في نفسه فلا معنى لاعتبار الحول فيه كما في النتاج، ويفارق النصاب فإنه اعتبر لبلوغ المال حدًا يحتمل المواساة فيعتبر هاهنا، والثاني: يعتبر فيه الحول لأنها زكاة في مال يتكرر فيه فاعتبر فيها الحول كسائر الزكوات.

فرع

لا يجوز صرف حق المعدن إلى من وجب عليه وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: يجوز واحتج بما روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [٢٠٥ أ/ ٤] فجاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل ركبته الأيسر فقال مثل ذلك فأعرض عنه ثم أتاه من خلفه فأخذها فحذفه بها وقال: "يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد فيستكف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" (١). قالوا: فصرف ذلك إليه فدل على جوازه وهذا غلط، لأنه حق واجب عليه فلا يصرف إليه كالعشر. والخبر مجهول على أنه كان أقل من النصاب ويحتمل أنه كان قد أدى حق المعدن منها ويحتمل أن يكون ردها إليه إكثارًا للمتصدق بجميعها دون اجتهاد.

فرع آخر

إذا عمل رجلان في معدن فوجدا نصابًا قال في "الأم" (٢): من أثبت الخلطة غير المواشي أوجب عليهما الزكاة، ومن لم يثبت لم يوجب عليها.

فرع آخر

المكاتب والذمي إذا استخرجا من المعدن لم يجب عليهما فيه شيء وقال أبو حنيفة: يجب، وقال في الحربي: إذا لم يأذن له الإمام من العمل لم يملكه، وإذا أذن له أخذت الخمس، وفرق فإن الحربي ليس من [٢٠٥ ب/ ٤] أهل الغنيمة الذمي وهذا باطل بما لو أذن للحربي ولا يجوز اعتباره بالغنيمة لأنه لا يسهم لهما، وقد قال الشافعي في "الأم" (٣): الذمي هو ممنوع من أن يعمل في المعدن فإن عمل فوجد شيئًا يملكه ولا يملك المكان وهو كالاحتطاب والاحتشاش ويفارق إحياء الموات لأنه يتأيد ضرورة فلا يملك في دار الإسلام.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر الأم (٢/ ٣٧).
(٣) انظر الأم (٢/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>