للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن: أنه سمع معاوية رضي الله عنه يوم عاشوراء على المنبر يقول يا أهل المدينة أين عطاؤكم سمعت رسول الل صلى الله عليه وسلم يقول: "هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر (١) "، ومن أصحابنا من قال: إنه كان واجبًا وهو قول أبي حنيفة، ومن أصحابنا من قال: صوم المحرم أفضل من صوم سائر شهور السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي: الصوم أفضل [٣٤٥ أ/ ٤] بعد رمضان؟ فقال: "شهر الله المحرم (٢) ".

فصل

قال أصحابنا: يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بستة من شوال ليكون جميع صيامه سنة وثلاثين يومًا فيكون له صيام السنة كلها كما قال تعالى: {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان وأتبعه بستة من شوال فكأنما صام الدهر (٣) "، وبه قال أحمد وجماعة العلماء، وقال أبو يوسف: كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صيامًا خوفًا من أن تلحق ذلك بالفرض وحكاه محمد عن مالك ولم يذكر خلافه، وقال في الموطأ: يكره له ذلك وما رأيت أحدًا من أهل الفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق أهل الجهالة برمضان ما ليس منه وهذا كله غلط، لما ذكرنا والأولى أن تكون متتابعة عقيب الفطر فإن ... (٤) الفضيلة، وقد روى أبو حنيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام ستة أيام بعد الفطر فكأنما صام السنة (٥) "، وهذا خبر غريب، وروى ابن عباس [٣٤٥ ب/ ٤] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصائم الستة بعد رمضان كالكار بعد الغار "قال أصحابنا: ومن أراد أن يصوم شهرًا فأفضل الشهور بعد المحرم شهر رجب لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصوم أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: "شهر الله الأصم "وروي: "الأصم "لأن الله تعالى يصب فيه الرحمة صبًا.

وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين، وصوم الثاني منه كفارة سنتين، وصوم اليوم الثالث منه كفارة


(١) أخرجه البخاري (٢٠٠٣)، ومسلم (١٢٦/ ١١٢٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٠٢/ ١١٦٣)، وأبو داود (٢٤٢٩)، والترمذي (٧٤٠)، وأحمد (٢/ ٢٤٤)، والدرامي (٢/ ٢١)، والبيهقي في "الكبري" (٨٤٢٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٠٤/ ١١٦٤)، من حديث أبي أيوب، وأبو داود (٢٤٣٣)، والترمذي (٧٥٩)، وابن ماجة (١٧١٦)، والدرامي (٢/ ٢١)، وأحمد (٣/ ٣٠٨، ٣٢٤)، من حديث ثوبان.
(٤) موضع النقط بياض بالأصل
(٥) أخرجه ابن ماجة (١٧١٥)، والطبراني في "الكبيرة" كما في "مجمع الزواند" (٣/ ١٨٣)، وقال الهيثمي: "وعبد الرحمن بن غنام لم أعرفه".

<<  <  ج: ص:  >  >>