للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتكون ليلة طلقة لا حارة ولا باردة (١) ويستحب لمن رأى ليلة القدر أن يكتمها ويدعو بإخلاص نية وصحة يقين بما أحب من أمر ودين ودنيا وقال رسول الله [٣٥٨ أ/ ٤] صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "إذا رأيت ليلة القدر فاسألي الله العافية في الدنيا والآخرة (٢)، وروي: "قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني (٣) وقال في القديم: ومن شهد العتمة والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها.

مسألة: قال (٤): وروي عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالتْ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكَفَ يُدْنيِ إليَّ رَأسِهِ فأُرَجِّلُهُ (٥).

الفصل

وهذا كما قال: عاد الآن إلى ذكر مسائل الاعتكاف وافتتح ببيان أنه ليس للمعتكف الخروج من المسجد إلا لحاجة الإنسان، وأنه إن أخرج بعض البدن فليس بخروج.

وجملته: أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد في الجملة لقوله تعالى: {وأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فخص بالمساجد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنه كان صلى الله علي وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان (٦)، ثم يجوز الاعتكاف في كل مسجد يني للصلاة والجماعة سواء كانوا يصلون فيه أو لا، وبه قال مالك وقال علي رضي الله عنه وبه قال حماد إلا في المسجد الحرام ومسجد المدينة، وقال حذيفة: لا يجوز إلا في ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد بين المقدس [٣٥٨ ب/ ٤] ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الزهري: لا يصح إلا في الجامع، وروي عنه لا يصح غلا في مسجد الجماعات، وقال أبو حامد: أومأ الشافعي إلى هذا في القديم، وقال أحمد: لا يصح إلا في مسجد تقام فيه الجماعة بناء على أصله أن الجماعة واجبة وهذا كله غلط، لقوله تعالى: {وأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]، ولم يفصل، وروي ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الاعتكاف في كل مسجد تقام فيه الصلاة "ولأنه موضع مبني للصلاة والجماعة فصح فيه الاعتكاف كالمتفق عليه فإذا تقرر ذا فلا فرق فيه بين الرجل والمرأة ولا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا في المسجد، وبه قال مالك وأحمد.

وذكر الشيخ أبو حامد: أن الشافعي قال في القديم: وأكره للمرأة أن تعتكف إلا في مسجد بيتها أي: في موضع صلاتها من بيتها، وذكر القفال عن القديم أنه قال: يجوز لها ذلك ولكن في المسجد أفضل، وقال أبو حنيفة: يجوز اعتكافها في المسجد وفي


(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٣٠)، والحميدي (٣٧٥)، وابن أبي شيبة (٢/ ٥١٥).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ١٧١، ١٨٢، ٣٠٨، ٢٥٨)، والترمذي (٣٥١٣)، وابن ماجه (٣٨٥٠)، والحاكم (١/ ٥٣٠).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ١٧١، ١٨٣)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٧٦٣، والخطيب في تاريخه (١٢/ ١٨).
(٤) انظر الأم (٢/ ٣١).
(٥) أخرجه البخاري (٢٠٢٨)، ومسلم (٦/ ٢٩٧).
(٦) أخرجه البخاري (٢٠٢٩)، ومسلم (٧/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>