للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

القصد به ذكر صورة التمتع وبيان الميقات الذي يحرم منه المتمتع، فيلزمه الإحرام بالعمرة من ميقات بلده، والقارن يحرم بالحج والعمرة من ميقات بلده، والمفرد يحرم بالحج من ميقات بلده لأن ابن عباس رضي الله عنهما، روى "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت، ثم قال: هذه المواقيت لأهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها [٣٦/أ] ممن أراد حجاً أو عمرة" (١)، فإذا أحرم المتمتع بالعمرة من ميقات بلده ثم دخل مكة وطاف وسعى وحلق وفرغ من عمرته، ثم يحرم بالحج إذا أراد من جوف مكة، ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات، ولا إلى الخروج إلى الحل، فإن لم يحرم من جوف مكة، وخرج منها، وأحرم بالحج، فإن رجع إلى مكة محرماً، فلا دم عليه كما إذا جاوز الميقات، وأحرم دونه، ورجع إليه محرماً لم يلزمه الدم، وإذا خرج إلى عرفة، ولم يرجع إلى مكة نظر في موضع إحرامه، فإن كان في الحل أحرم لزمه قولاً واحداً، وإن كان أحرم في الحرم خارج البنيان. اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: لا دم عليه لأن ما لا يتعين موضعه في بنيان مكة يشرك فيه جميع بقاع الحرم أصله ذبح الهدى، ومنهم من قال: عليه الدم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بعد الفراغ من العمرة بالإحرام بالحج من بنيان مكة، وهو كمن ترك عمارة ذي الحليفة أو الجحفة، والأول أفيس. وقال بعض أصحابنا: فيه قولان، والصحيح لزوم الدم.

فرع

قال بعض أصحابنا بخراسان: في موضع استحباب إحرام الحج في المتمتع قولان:

أحدهما: الأفضل أن يطوف بالبيت سبعاً ويصلي ركعتين ثم يحرم.

والثاني: الأفضل أن يحرم من جوف منزله بمكة، ويخرج فيطوف بالبيت محرماً، ويصلي ركعتين الطواف، ثم يقصد عرفة.

فرع آخر

قال في "الإملاء": يستحب للمتمتع أن يحرم بالحج يوم التروية مكياً، كان أو غريباً، ويخرج بعد الزوال متوجهاً إلى منى من المسجد. وحكي عن مالك: يستحب [٣٦/ب] عند إهلال ذي الحجة لقول عمر رضي الله عنه لأهل مكة أهلوا بالحج إذا أخل ذو الحجة. وهذا غلط لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توجهتم إلى منى فأهلوا بالحج" (٢)، قال أصحابنا: هذا إذا كان واجداً للهدى، وإن كان عادماً يستحب له الإحرام بالحج في اليوم الخامس، أو السادس من ذي الحجة ليصوم اليوم السادس والسابع والثامن بدلاً من الدم، ويفطر يوم عرفة.


(١) أخرجه البخاري (١٥٢٤، ١٥٢٦، ١٥٣٠، ١٦٤٥)، ومسلم (١١٨١).
(٢) انظر بدائع المنن للساعاتي (٩٤٤، ١٠٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>