للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيادة سقط خيار البائع، والثاني: لا خيار له لأنه رضي بأن يكون ربحه ما شرطه، ومن أصحابنا من قال: هذا إذا ثبت بالبينة لأنه يقول رأس مالي مائة والشهود [١٩٤/ب] كذبة فيما شهدوا به، فأما إذا اعترف بذلك فلا خيار له وهذا اختيار القاضي الطبري.

فرع

إذا كانت السلعة تالفة قال بعض أصحابنا: نص الشافعي في كتبه أنه لا خيار للمشتري وتكون لازمة له بتسعة وتسعين، لأنا لو أثبتنا الخيار هاهنا لدخل على البائع ضرر والضرر لا يزال بالضرر، ومن أصحابنا من قال: يبقى خياره فيرد قيمته ويسترجع الثمن ذكره القاضي الطبري، وأما على القول الذي يقول ثمنها مائة وعشرة ولا يسقط حقه بالتلف ويكون بمنزلة المعيب لستره عن المشتري فلا يسقط حقه ولا وجه للفسخ لما ذكرنا، كما لو تلف المعيب في يد المشتري لا يفسخ البيع فيه. فإذا تقرر هذا قال الشافعي في مسألة الخيانة التي ذكرناها، ولم أفسد البيع لأنه لم ينعقد على محرم عليهما معاً، وإنما وقع محرماً على الخائن منهما كما يدلس له العيب فيكون التدليس محرماً، وما أخذ من ثمنه محرماً وكان المشتري في ذلك الخيار، فصرح القول في موضع التدليس بأنه يحرم مع حكمه بأن البيع صحيح منعقد [١٩٥/أ] وهذا من المشكل، ولهذا الإشكال اعترض المزني فقال: ولو كان ثمنها حراماً، وبه وقعت العقدة كان البيع فاسداً أرأيت لو اشتراها بجارية فدلّس المشتري كما دلس البائع فيما باع، فهذا حرام بحرام، يبطل به البيع وليس كذلك إنما حرم عليه التدليس والبيع نفسه جائز، وإن كان من أحدهما سبب يحرم وليس السبب هو البيع، ولو كان هو البيع لحرم البيع وفسد الشراء وهذا مسطور في بعض نسخ المزني.

وأجاب أصحابنا عن هذا بأن مراد الشافعي تحريم فعل التدليس واكتساب الثمن به. وقال الإمام أبو محمد الجويني: ليس هذا بإنصاف للمزني لأن الشافعي قال: فيكون التدليس محرما فأفادنا تحريم هذا الفعل ثم زاد فقال: وما أخذ من ثمنه محرماً فلا بد من زيادة.

فائدة: والأحسن في جواب المزني أن يقال: لفظ التحريم ربما يطلق والمراد به التبرئة، وهكذا يقول فيمن دلس في بيع وأخذ ثمنه المستحب من طرق التبرية أن يعد هذا الثمن من جملة المحرمات تحرجاً [٩٥/ب] لا تحريماً. وقد قال الشافعي: وحرم التل ليس على معنى أنه إثم وتغرير لا على معنى أن البيع معه غير منعقد فلذلك قوله: وما أخذ من ثمنه محرماً أي: محرم الأخذ لا محرم العين وهذا أولى من الجواب الأول، وقيل: أراد الشافعي أنه لم يكن محرماً لمعنى يعود إلى المعقود عليه. بل لمعنى في العاقد فلا يضر صحة البيع.

مسألة: قال: فإن قال: ثمنها أكثر من مائة وأقامَ على ذلك بينة لم يقبلْ.

إذا باع شيئاً مرابحة على كل عشرة درهم وقال: اشتريت بمائة وتفرقا عن تراض منهما ثم رجع البائع إلى المشتري، وقال: غلطت كنت اشتريته بمائة وعشرة دراهم وأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>