للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولين، وقال بعضهم: يجبر الحاكم البائع على تسليم السلعة إلى المشتري، فإذا فعل وكان الثمن حاضرًا أجبر المشتري على دفعه إليه. قال الشافعي: وإنما قلنا بهذا دون غيره لأن البائع قد أقر أن السلعة مملوكة للمشتري فلا يجوز أن يحبس عليه ملكه.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قول مخرج يجبر المشتري أولًا على تسليم الثمن، وبه قال أبو حنيفة، ومالك واختلف أصحابنا في المسألة على طرق، قال أبو إسحاق: فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يجبر البائع أولًا؛ لأن الحق في العين أقوى في الدين ولهذا يعدم المرتهن على الغرماء، والعين، لا يتصور فيها الأجل فهي أولى بالتقديم من الدين الذي قد يكون مؤجلاً، وبه قال أحمد:

والثاني: وهو الذي اختاره يأمرهما بإحضار الثمن والمثمن عنده وعند عدل على ما ذكرنا؛ لأن لكل واحد منهما قبل صاحبه حقًا فلا يتركان يتمانعان الحقوق، كما لو كان لهذا على ذلك دين وفي ذاك لهذا غصب يجبران؛ لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر.

والثالث: [ق ١٩ ب] لا يجبر واحد منهما على ما ذكرنا لأنهما دخلا في هذا العقد على التراضي فينبغي أن يتما على التراضي، وكل واحد منهما معذور في منع ما عنده لأنه في مقابلة ما عند صاحبه.

وقال بعض أصحابنا: فيه أربعة أقاويل.

والرابع: يبدأ بالمشتري، لأن للبائع حق الحبس لاستيفاء الثمن ولا يلزمه التسليم قبل استيفائه، كالمرتهن لا يلزمه تسليم الرهن حتى يقبض الدين. ومن أصحابنا من قال: فيه قولان؛ لأن الشافعي قال: ولا يجوز من هذا إلا الثاني أو يجبر البائع، وهذا ضعيف.

وقال بعض أصحابنا: وهذا اختيار أبي حامد وجماعة المسألة على قول واحد أن يجبر البائع؛ لأن الشافعي ذكر الأقوال واختار هذا واختلف أصحابنا في جواب الشافعي- رحمه الله تعالى- في المختصر فمنهم من قال: أجاب على إجبار البائع لأنه قال: "يأمر البائع بدفع السلعة".

ومنهم من قال: أجاب عن قوله لا يجبران لأنه قال: "يأمر البائع"، ولم يقل يجبر البائع، وإنما استعمل لفظة الإجبار بعد تسليم السلعة إلى المشتري فقال: ويجبر المشتري على دفع الثمن من ساعته والأول أليق بلفظ [ق ٢٠ أ] الشافعي؛ لأن ظاهر أمر السلطان محمول على الإجبار، وقد قال: يأمر البائع والآمر هو الحاكم فقد صار البائع مجبرًا لما صار مأمورًا، ولو كان الثمن معينًا كالمبيع بأن باع عرضًا بعرض فلا يجيء إلا قولان:

أحدهما: يدعهما الحاكم حتى يتطوع أحدهما ثم يجبر الآخر.

والثاني: ينصب لها أمينًا ولا يجيء القولان الآخران، وهذا لأن كل واحد منهما بائع ومشتري.

وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: يتخير الحاكم في البداية بأيهما شاء، فأما إذا تنازع

<<  <  ج: ص:  >  >>