للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبيع الأم؛ لأن الظاهر أنهما جميعًا ملك من هما في يده، فإذا قامت البينة بزوال ملكه عن أحدهما لم يزل ملكه عن الآخر.

وأما ما ذكر القائل الأول لا يصح لأنه يحتمل أنهم شهدوا أن الجارية كانت ملكًا له من ساعة أو يوم. وهذا يدل على أن الولد حدث في ملكه. قال ابن سريج: وهكذا الحكم في الإقرار لو كانت له جارية لها ولد فقال: هذه الجارية لفلان يكون اعترافًا له بالجارية، وهل يكون إقرارًا بالولد؟ وجهان، وقال أبو حنيفة: إن ثبت ذلك بالبينة فالولد مع الأم، وإن ثبت بالإقرار لا يتبع الولد الأم. وغلط فيه؛ لأن الشاهد [ق ٣٤ أ] يخبر عن أمر سابق كما أنه بالإقرار يخبر عن أمر سابق، فلا فرق بينهما.

مسألة

قَالَ: "وَلَو اشْتَرَى زَرْعًا وَاشْتَرَط عَلَى الَبَائِعِ حَصَادَهُ كَانَ فَاسِدًا".

وهذا كما قال، هذه المسألة مقدمة وهي البيع إذا كان في عقده إجارة، مثل أن يقول: بعتك هذه الدار وأجزتك هذه الدار الأخرى بمائة دينار فيه قولان:

احدهما: يبطلان لأنهما عقدان أحكامهما متنافية، فإذا جمع بينهما في صفقة واحدة بطلا.

والثاني: كلاهما صحيحان وتقسط المائة على قدرهما، وهو الصحيح؛ لأن اختلاف أحكامهما لا يمنع من الجمع بينهما صفقة واحدة، كالسيف والشقص، إذا جمعا في صفقة واحدة. وأما إذا قال: بعتك هذه الدار بمائة وأجرت هذه الدار الأخرى سنة واحدة من هذا الوقت بمائة فقبلها صح العقدان معًا قولًا واحدًا؛ لأن كل واحد من العقدين انفرد عن صاحبه بعوض معلوم، ولو قال: بعتك هذه الدار وأجرتها سنة واحدة بمائة دينار لم يصح قولًا واحدًا؛ لأن مقتضى البيع أن تكون المنفعة بعد البيع حادثة عن ملك المبتاع بلا عوض، وهذا يقتضي أن يحدث في ملكه بعوض فلا يصح، وهكذا [ق ٣٤ ب] لو قال: بعتك هذه الدار على أن تؤاجر الدار الأخرى لا يصح لأنهما كبيعتين في بيعة، وهكذا البيع إذا كان في عقد كتابة مثل أن يقول لعبده: بعتك هذا العبد وكاتبتك على نجمين بمائة فيه قولان:

أحدهما: يبطلان لتنافي الأحكام.

والثاني: لا يبطلان إلا أن البيع في العبد باطل لأنه لا يجوز أن يبيع شيئًا من عبده وإنما يجوز إذا سبق عقد الكتابة، فأما تبع العقد الكتابة فلا يجوز؛ لأن البيع يصادف رقيقًا غير مكاتب.

وأما عقد الكتابة: فإن قلنا: لا تفرق الصفقة يبطلان، وإن قلنا: تفرق فالكتابة

<<  <  ج: ص:  >  >>