للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تخريب الأرض ورضي بذلك الضرر فلم يلزم المستعير إزالة ذلك عنه، وإن لم يكن شرط القلع لا يخلو المستعير من أحد [١١/أ] أمرين إما أن يختار القلع أو التبقية فإن اختار القلع كان له ذلك وليس للمعير منعه لأنه عين ماله فإذا قلع هل يلزمه تسوية الأرض من الحفر؟ وجهان:

أحدهما: ليس عليه ذلك لأنه لما أذن له في ذلك فقد رضي بالضرر.

والثاني: يلزمه ذلك وهو الصحيح لأن القلع ليس من مقتضى العارية وإنما له قلعه بحق الملك وقد قلع باختياره بعد زوال العارية من غير أن ألجئ إليه، وإن اختار التبقية نظر في المعير فإن مكنه وأقره عليه فلا كلام، وإن منعه من ذلك نظر، فإن اختار أن يعطيه قيمة الغراس والبناء كان له لأن للمعير أن يسترد العارية على وجه لا يضر بالمستعير ويلزم قيمته قائماً ولا يعتبر قيمة الطوب والخشب غير قائم لأن المستعير كان كالبناء والتأليف غير متعدٌ والاعتبار بقيمة البناء يوم يخرجه لا يوم بناه لأن هذا الوقت وقت نقل الملك إليه بالقيمة، وإن كان مكان الغرس زرع فإن كان الزرع مما يقصل في العادة فللمعير الإجبار على قلعه وان عين واحداً منها فإن أعارها للزرع لا يجوز له أن يغرس ولا أن تبنى ولا أن يزرع من غير دفع القيمة، وإن كان مما يترك إلى أن يستحصد يجبر على تركه إلى الحصاد لأن مطلق الإعارة محمول على ما يكون هي العرف فإن قال: أنا أدفع إليه قيمة زرعه قائماً ليكون الزرع لي فيه وجهان:

أحدهما: له ذلك كما قلنا في الغراس سواء وهو اختيار القاضي الطبري.

والثاني: ليس له ذلك بل عليه أن يقره في أرضه بأجرة مثله إلى حين حصاده وليس له ذلك من غير الأجرة لأن له وقتاً ينتهي إليه بخلاف البناء والغراس وهكذا لو امتنع المعير من بذل القيمة وامتنع المستعير من قلعه قيل للمستعير: إما أن يقلع أو يعطي الأجرة على ما ذكرنا ولفظ الشافعي ها هنا أنه يقر على ذلك إذا بذل الأجرة بعد الرجوع في العارية ولا يجبر على القلع، ومن أصحابنا من قال: لا يلزم المستعير بذل الأجرة لأن العارية تقتضي الانتفاع من غير ضمان وهذا اختيار المزني فعلى هذا إذا لم تدفع القيمة يترك البناء من غير أجرة، وان أراد المستعير أن يعطي المعير قيمة أرضه ليكون له [١١/ب] الأرض مع الغراس لم يكن له لأنها الأصل المتبوع والبناء والغراس يتبعان الأرض ولو طالبه بالقلع فإن ضمن له ما ينقص بالقلع كان له، وإن لم يضمن ذلك لم يكن له بل عليه تمكينه منها، وقال أبو حنيفة ومالك: له مطالبته بالقلع من غير أن يغرم له شيئاً إلا أن تكون العارية مؤقتة فأراد أن يرجع قبل انقضاء الوقت ليس له ذلك ها هنا إلا بالقيمة وهذا غلط لأنه بني في ملك غيره بإذنه فلم يكن له مطالبته بقلعه من غير ضمان كما لو طالبه به قبل انقضاء المدة.

ومن أصحابنا من قال: إذا لم يختر المستعير القلع ولا المعير دفع القيمة وما ينقص بالقلع يباعان جميعاً ويقسم الثمن على قدر قيمتهما فيقال: كم تساوي أرضه وفيها الغراس دون الغراس فيقال: تسعون قلنا: وكم تساوي الغراس في أرض غيره؟ فيقال: عشرة فللمستعير عشر الثمن وللمعير تسعة أعشاره والمذهب الصحيح ما تقدم وهو أنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>