للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشتر أن يأخذ الثلث كله بالشفعة وليس للمشتري أخذ شيء منه لأنا لو قلنا: تثبت له الشفعة لكان يأخذ من ملك نفسه وذلك لا يجوز وبه قال الحسن البصري وعثمان البتي وهذا غلط لأن المشتري شريك كالآخر فليس لذلك أن ينفرد بجمع المشفوع. واعلم أنا لا نقول: إنه أخذ الشفعة من نفسه ولكن نقول: لا يقدم الشريك الآخر عليه لأنه لا مزية له عليه فيجعل للشريك الآخر أخذ للنصف فحسب والنصف الآخر نقرّه في ملك المشتري لأنه شريك فإذا أقررناه حصل الملك بالابتياع لا بأخذه بالشفعة [١٠٤/ أ].وقال المزني في تعليل هذه المسألة لأنه مثله وليس له أن يلزم شفعته غيره فسمى ما تبقى في هذا المشترى شفعة له وهذه التسمية مجاز لا حقيقة لأن ما ملكه الإنسان بالشراء لا يسمى شفعة وإنما استجاز المزني إطلاق اسم الشفعة على الباقي من هذا الشقص لأنه بجملته لو حصل لأجنبي بالشراء لا لواحدٍ من الشركاء كان لهذا الشريك المشتري فيه هذه الحصة من الشفعة فسماه شفعة على هذا المعنى والله أعلم.

فإذا قلنا بقول ابن سريج قلنا للشريك الآخر: لا شفيع ها هنا غيرك فأنت بالخيار بين أخذ الكل أو الترك وليس لك التبعيض وإذا قلنا بقول عامة أصحابنا: فإن اختارا كان الثلث بينهما نصفين، وإذا عفا الشفيع بقي الثلث كله للمشتري وإن قال المشتري: رضيت أن يأخذ الشفيع الكل لم يلزم الشفيع أن يأخذ الكل بل له أن يأخذ النصف ويترك النصف على ما ذكرنا فيما تقدم، فإن قيل: قد بعضتم الصفقة على المشتري قلنا: لأن المشتري لما دخل فيه رضي بالتبعيض، فإن قيل: إذا كان المشتري أجنبيًا فجاء أحد الشفعاء لم يكن له تبعيض الصفقة على المشتري فما الفرق؟

قلنا: الفرق أن الشريك إذا اشترى كان بمنزلة أخذ الشقص بالشفعة وآكد منه كما إذا طلق الرجل امرأته طلقة واحدة ثم عقد النكاح عليها في حال العدة كان بمنزلة الرجعة عند بعض أصحابنا فإذا كان كذلك فإذا أخذ الشفيع بالشفعة لم يجز أن يلزم شريكه أخذ ما دخل في ملكه وليس كذلك الأجنبي إذا اشترى فإنه لم يملك شيئًا منه بما هو أكد من الآخذ بالشفعة مع كونه شريكًا فافترقا.

مسألة: قال: "ولو شجَّةُ موضحًة عمدًا".

الفصل

وهذا كما قال: إذا صالح من أرش الموضحة على شقصٍ فالكلام أولًا في الصلح ثم في الشفعة، وجملته أن الواجب في الموضحة خمس من الإبل أخماسًا إن كانت خطأ أو أثلاثًا إن كانت شبه عمد أو عمدًا، فإن كانت عمدًا فالوجوب على الجاني، [١٠٤/ ب] وإن كانت خطأ أو عمد خطٍأ فالوجوب على العاقلة فإذا صالح نظر، فإن كانت الإبل موجودة فإن لم يعرفا الأوصاف التي بقيت بها في الذمة وهي العدد والسّن

<<  <  ج: ص:  >  >>