للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك: يقوم عليهما بقدر الملكين، ويفضل بينهما لتفاضلهما في المالين، لأن التقويم مستحق بسراية عتقهما، وسراية كثير العتق أكثر من سراية قليلة. ودليلنا رواية ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركًا له في عبد وكان له مال قوم عليه» فاستوى فيه الواحد، والجماعة، لإطلاق أمره، ولأنهما قد اشتركا في إدخال الضرر على شريكهما بقليل الملك وكثيره، لأن قليله مدخل للضرر عليه مثل كثيره، فوجب أن يستويا في التقويم الموجب لرفع ضررهما، ولأن عتقهما يجري مجرى الجناية منهما، وهما لو اشتركا في جناية تفاضلا في عدد جراحها فجرحه أحدهما جراحة، وجرحه الآخر مائة جراحة كانت الدية بينهما على أعدادهما، ولا تتقسط على أعداد جراحهما، كذلك العتق يجب أن يكون معتبرًا، بأعداد المعتقدين، ولا يتقسط على أملاك المعتقين، وسراية العتق كسراية الجناية، فلم يسلم لمالك استدلاله.

فأما المزني فإنه قال: «إذا استويا في التقويم مع تفاضلهما في الملك وجب أن يكونا في الشفعة، كذلك إذا تفاضلا في الملك أن يستويا في الأخذ».

قيل في الشفعة قولان: أحدهما: أن الأمر فيها على هذا، وأن يشترك صاحب النصف والسدس فيها بالسوية كالعتق. والقول الثاني: أنهما يتفاضلان فيها بقدر المالين، وإن تساويا في العتق.

والفرق بينهما من وجهين: أحدهما: أن الشفعة مستحقة بالملك، فتقسط عليه، والتقويم مستحق بالعتق، فاستويا فيه. والثاني: ان استحقاق الشفعة لإزالة الضرر بالتزام مؤونة القسم وغيره، والمؤونة معتبرة بالملك، فتقسطت الشفعة على الملك، والتقويم مستحق بدخول الضرر بالعتق، الجاري مجري الجناية، فتقسطت على المعتقين، دون الملك؛ ولو كانت المسألة بحالها، وكان صاحب النصف موسرًا، ومعتق السدس معسرًا، قومت الحصة كلها على معتق النصف، ولو كان معتق السدس موسرًا ومعتق النصف معسرًا، قومت الحصة كلها على معتق السدس، ولو كانا معسرين، لم تقوم على واحد منهما، وكانت الحصة على رقها لمالكها، فلو ادعي عليها اليسار فأنكراه حلفا له، ولا تقويم عليهما، وفي عتق الحصة على مالكها بهذه الدعوى قولان: يعتق عليه في احدهما، إذا قيل إن العتق في حصته يقع بالسراية، ولا يعتق عليه في الثاني إذا قيل إنها لا تعتق، إلا بدفع القيمة.

ولو ادعي أحد المعتقين على الآخر اليسار، فإن كان المدعي معسرًا، لم تسمع دعواه، لأنها غير مؤثرة في حقه وتسمع من مالك الحصة، لتأثيرها في حقه، ولو كان موسرًا سمعت دعواه، لأنه يصير بيساره مشاركًا له في تحمل القيمة، ولا يسمع من مالك الحصة هذه الدعوى، لأنها غير مؤثرة في حقه. والله أعلم.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: «وإذا اختلفا في قيمة العبد ففيها قولان

<<  <  ج: ص:  >  >>