للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج أيضًا بأن قال: «وقد ملك المجني عليه الأرض بحق، فكيف يجني غيره وغير ملكه وغير من هو من عاقلته فيجب عليه غرمه أو غرم شيء منه» وأراد بهذا أن المجني عليه الأول قد ملك الأرض بكماله وهو قيمة أم الولد، فإذا جنت جناية أخرى لم يجز أن يسترجع منه بعض تلك القيمة بجناية حصلت من غيره وغير ملك، وغير من هو من عاقلته ليحترز ذلك عن عبده إذا جني وعن جميعه الذي هو من عاقلته، والجواب أن نقول: نحن إذا سلمنا قيمة أم الولد إلى الأول، نقطع القول بأنها صارت مسلمة له حيث لا يسترجع منه بعضها، ولكن حكمنا له مع جواز نقص ذلك الملك، بمعني عارض في بعض تلك القيمة ألا ترى أن الورثة إذا اقتسموا الميراث حكمنا لهم بالملك؟، ثم إذا وقعت بهيمة في بئر حفرها مورثهم نقضنا ملكهم في التركة بجناية حصلت من غيرهم وغير ملكهم وغير من هو من عاقلته.

مسألة: قال: «وإذا أسلمت أم ولد النصراني».

الفصل

إذا كان للذمي أم ولد فأسلمت لا تعتق عليه، ولا تباع ولا تستعي، ولكن يحال بينه وبينها وتجعل في يد امرأة ثقة ينفق عليها من كسبها، فإن فضل شيء من كسبها كان لسيدها، وإن عجز عن نفقتها لزم السيد تمامها، وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة، وقال مالك تعتق بإسلامها [١٦٩/ أ] ولا شيء عليها في إحدى الروايتين، وفي الرواية الثانية عنه أنها تباع عليه، وقال أبو حنيفة رحمه الله: تستسعي في قدر قيمتها، فإذا أدي عتقت وهو رواية عن أحمد، وقال أبو يوسف ومحمد: تعتق ثم تستسعي في قيمتها، وقال الأوزاعي: يعتق نصفها، وتستسعي في النصف الباقي، ودليلنا: أنه إسلام طرأ على ملك فلا يقتضي عتقًا كالعبد القن إذا أسلم وقد دللنا على بطلان الاستسعاء.

فرع

قال أبو إسحاق: إذا أرادت التزويج في هذه المسألة زوجها الحاكم، وكان للسيد مهرها، وكذلك إن اختار تزويجها وكرهته هي غير أنه لا يزوجها فإنما يزوجها الحاكم، وتكون نفقتها على زوجها، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يجوز تزويجها؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يزوجها هو ولا الحاكم لأن ولاية التزويج لا تثبت إلا مع الموالاة في الدين، وهذا أظهر وهو اختيار القفال، والثاني: يزوجها النصراني لأنه يتصرف بالملك، فلا يمنع اختلاف الدين، وما ذكرنا أصح.

فرع

قال أبو إسحاق: هذه الجارية ما دامت مقيمة لا تتزوج فهي أحق بحضانة الولد، فإذا تزوجت صار الأب أحق بالولد إلا أن يخاف الفتنة على دينه فيمنع من ذلك، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>