للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كانت أمة، وفرقوا بين الحرة والأمة من ثلاثة أوجه.

أحدها: ما قدمناه من فرق أبي سعيد الإصطخري أن الحرة في حكم المقبوضة؛ لأن الزوج يقدر على الاستمتاع بها متى شاء فصار التسليم من جهتها موجودا، فاستحقت المهر بحدوث التلف والأمة بخلافها؛ لأن الزوج لا يقدر على الاستمتاع بها إذا شاء حتى يرضى السيد، فصار التسليم من جهتها غير موجود فسقط المهر.

والثاني: أن المقصود من نكاح الحرة الألفة والمواصلة دون الوطء لجواز عقده على من لا يمكن وطئها من صفيره ورتقاء، وذلك حاصل قبل الدخول مثبت لها المهر، والمقصود من نكاح الأمة الوطء، دون المواصلة, لأنه لا يجوز له أن يتزوجها إلا من خوف العنت وذلك غير حاصل له قبل الدخول فسقط المهر.

والثالث: أن الحرة قد يستنفد ميراثها فجاز أن يغرم مهرها، والأمة لم تستنفد ميراثها فلم تغرم مهرها- والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "وان باعها حيث لا يقدر عليها فلا مهر له حتى يد فعها إليه ".

قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا زوج السيد أمته ثم باعها صح البيع ولم يبطل النكاح لأمرين:

أحدهما: أن عائشة اشترت بريرة وهي ذات زوج فأثبت النبي ص الشراء ولم يبطل النكاح، وخيرها بعد العتق بين المقام أو الفسخ.

والثاني: أن عقد النكاح تناول الاستمتاع وعقد البيع تناول الرقبة فتناول كل واحد من العقدين غير ما تناوله الآخر فصحا معا كما لو أجرها ثم باعها، فإن قيل: لو أجرها ثم باعها كان بيعها على قولين:

أحدهما: باطل، فهلا كان بيعها بعد تزويجها على قولين قلنا: إن يا المستأجر حائلة؛ لأن السيد يجبر على تسليمها له فجاز أن يبطل بيعها في أحد القولين ويد الزوج غير طائلة لأن السيد لا يجبر على تسليمها إليه فصح بيعها قولا واحدا.

فصل:

فإذا ثبت جواز البيع وصحة النكاح فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يكون البيع بعد دخول بها فقد استحق الزوج مهرها سواء كان مسمى في العقد أو غير مسمى لاستقراره بالدخول الموجود في ملكه.

والثاني: أن يكون البيع قبل دخول الزوج بها فالمشتري يكون بمنزلة البائع لا يجبر

<<  <  ج: ص:  >  >>