للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكفارة من لا يجوز أن يصوم عنه في الكفارة، فمنه جوابان:

أحدهما: أن الشافعي أشار إلى الأغلب من أحوال الناس، والأغلب ما قاله.

والثاني: أن الشافعي قصد به أبا حنيفة حيث اعتبر الغنى والفقر بوجود النصاب وعدمه، وهو عنده معتبر بوجود الكفاية المستديمة فيكون غنيًا، وإن لم يملك نصابًا إذا كان مكتسبًا بيديه، ويكون فقيرًا وإن ملك نصابًا إذا كان دون كفايته، وقد أوضحنا ذلك في قسمة الصدقات.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَإنْ كَانَ غَنِيَّا وَمَالُهُ غَائِبٌ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَفَّرَ حَتَّى يَحْضُرَ مَالُُ إِلاَّ بِالإِطْعَامِ أَوْ الكُسْوَةِ أَوْ العِتْقِ ".

قال في الحاوي: قال المزني جعل حكمه حكم الموسر إذا كان المكفر ذا مال غائب، إما بأن سافر عن مال خلفه ببلده، وإما بأن سافر بالمال وهو مقيم في بلده فلم يقدر على التكفير بالمال لغيبته عنه، فهو على مذهب الشافعي في حكم الموسر، ولا يجوز له الصيام حتى يقدر على ماله فيكفر بالمال.

وقال أبو حنيفة: هو في حكم المعسرين يجوز له أن يكفر بالصيام، لأنه لما حل له أن يأخذ الزكاة والكفارة لحاجته جرى عليه حكم الفقر من كفارته، وهذا خطأ لأن الحاجة مختصة بمكانه، والكفارة معتبرة بإمكانه.

فإن قيل: أفليس المتمع في الحج إذا كان معسرًا في مكة موسرًا في بلده كفر بالصيام كالمعسر، فهلا كان كذلك في كفارة الأيمان قيل: الفرق بينهما من وجهين:

أحدهما: أن مكان الدم في التمتع مستحق بمكة، فاعتبر يساره أو إعساره بها ومكان الإطعام في غيره مطلق فاعتبر يساره وإعساره على الإطلاق.

والثاني: أن الصوم في كفارة التمتع للزمان في صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع فكان في تأخيره فوات بدله، وليس لصيام اليمين زمان معين يفوت بتأخيره فافترقا.

فصل:

فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حاله في كمال فروضه من ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يفوت بتأخيره إلى حال الكمال، وذلك مثل صلاة العريان والمئيم وكفارة المتمتع، ففرضه تعجيل أدائه على غنى.

والثاني: ما لا يفوت بتأخيره ولا يدخل عليه ضرر بالتأخير مثل كفارة اليمين والقتل وزكاة الفطر ففرضه إذا قدر على الكمال أن يؤخره إلى حال الإمكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>