للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الرجل، فما يستر به ما بين سرته وركبته، وإن كانت امرأة فما تستر به جميع بدنها.

والخامس: وهو قول الشافعي وأبي حنيفة: أنه كسوة ثوب واحد ينطلق عليه اسم الكسوة ستر العورة أو لم يسترها، وبه قال ابن عباس ومجاد وطاوس وعطاء، والدليل على أن أصح الأقاويل ما ذهب إليه الشافعي وأبو حنيفة من ثوب واحد ينطلق عليه اسم الكسوة سواء ستر العورة، وأجزات فيه الصلاة أم لا؟ لأمرين:

أحدهما: التزم بقيمة متفق عليه، وما يجاوزه التزام زيادة يختلف فيها، فاعتبر الأصل في براءة الذمة.

والثاني: أنه لا يخلو إطلاق الكسوة من اعتبارها بما انطلق عليه الإسم أو بما دعت إليه الحاجة فلم يلزم اعتبارها بما دعت إليه الحاجة؛ لأنها تدعو إلى ما يدفئ من البرد في الشتاء، ويقي من الحر في الصيف، وإذا لم يغير ما دعت إليه حاجة الشتاء والصيف كان أولى أن لا يغير ما ذهب إليه مالك من ستر العورة وإجزاء الصلاة من وجهين:

أحدهما: خروجه من اعتبار الإسم وهو أصل عن اعتبار الكفاية وهي عرف.

والثاني: أنه لو أعطاه من رقيق الثياب ما يعم العورة ولا يسترها لرقته أجزأه، وإن لم تجز فيه الصلاة، ولأنه لما استوى قدر الإطعام في الرجال والنساء وجب أن يستوي قدر الكسوة فيهما وفي اعتبار ستر العورة يوجب اختلاف القدر فيهما لاختلاف العورة منهما فكان ذلك مدفوعًا، وإذا بطل بما ذكر أن يعتبر ما زاد على انطلاق الاسم ثبت أن ما انطلق اسم الكسوة عليه هو المعتبر فنقول: كساه قميصًا أو كساه منديلاً وكساه سراويل وكذلك المقنعة والخمار فأجزأه ذلك كله، وقال أبو يوسف: لا تجزئه السراويل، لأنه تبع لغيره، وهذا فاسد بالعمامة والمنديل، فأما القلنسوة ففي إجزائها وجهان؟

أحدهما: يجوز لأنها من حملة ما يكتسى.

والثاني: لا يجوز لأنها زيادة ولا ينفرد بلباسها، وقال أبو الغياض البصري: إن كانت صغيرة تغطي نصف الرأس لم تجز وإن كانت كبيرة تعم الرأس وتغطي الآذان والقفا أجزأت ولا يجزئ أن يعطي خفين، ولا نعلين ولا تكة، ولا ما يلبس من العصائب ولا تجزئ منطقة ولا مكعب ولا هميان لخروج ذلك عن الكسوات الملبوسة.

فصل:

وما أعطى من ثياب قطن أو كتان أو شعر أجزأ فأما ثياب الحرير والإبريسم، فيجوز أن يعطاه النساء لإحالة لهن، وكذلك الصبيان، وفي جواز إعطائه للرجال وجهان:

أحدهما: لا يجوز لتحريم لبسه عليهم.

والثاني: يجوز وهو أصح؛ لأنه يجوز أن يعطي للرجال ثياب النساء، ويعطي النساء ثياب الرجال، وسواء بياض الثياب ومصبوغها، وخامها، ومقصورها، وجديدها وغسيلها فأما اللبيس منها، فإن أذهب اللبس أكثر منافعه لم يجزه وإن أذهب أقلها أجزأه كالرقبة

<<  <  ج: ص:  >  >>