للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجب (على) معتقه ولو تبرع بها حتى يبلغ هو الاكتساب كان أولي وإن لم تجب، فأما عتق المجنون فلا يجزئ إن كان جنونه مستديماً طبعا وكذلك المعتوه، وإن كان يجن في زمان ويفيق في زمان، فإن كان زمان جنوبه أكثر من زمان أفاقته، أو كان سواء لم يجزه عتقه، وإن كان زمان إفاقته أكثر من جنونه، ففي إجزاء عتقه وجهان:

أحدهما: يجزئ كما يجزئ عتق من قل عيبه.

والثاني: لا يجزئ، لأن قليل الجنون يصير كثيراً، فأما عتق الأحمق فيجزئ، لأنه يستهل بتدبير غيره، وأما عتق الفاسق فمجزئ لأجزاء أحكام الإسلام عليه.

مسألة

قال الشافعي:"وولد الزنا".

قال في الحاوي: وهذا صحيح، لأنه صحة الانساب في عتق الكفارات غير معتبر؟ ولأن سلامه بدنه وصحة عمله مماثل لذوي الانسباب؟ ولأنه لما لم يكن ذلك عيباً في نقصان ثمنه، فأولي أن لايكون عيباً في أجزاء عتقه، واحسب الشافعي قال ذلك، ونص عليه، بخلاف شذ من بعض السلف تمسكا بقول النبي صلي الله عليه وسلم:"ولد الزنا شر الثلاثة"ولا دليل فيه، لأنه غير مستهل علي ظاهرة، وفيه تأويلان:

أحدهما: انه شرهم نسباً.

والثاني: أنه شرهم إذا زنا لأنه صار مع شر نسبه زانياً.

مسألة:

قال الشافعي:"وكل ذي نقص بعيب لا يضر بالعمل إضراراً بينا مثل العرج الخفيف والعور والشلل في الخنصر ونخو ذلك ولا يجزئ المقعد ولا الأعمى ولا الأشل الرجل ويجزئ الأصم والخصي والمريض الذي ليس به مرض زمانه مثل الفالج والسل".

قال في الحاوي: اعلم أن الله تعالى أطلق عتق الرقبة في الكفارة فاقتضي إطلاقها أحد أمرين: إما السلامة من جميع العيوب كالغرة في الجنين والإبل من الدية، وإما جوازها مع كل العيوب اعتباراً بمطلق الاسم كالنذور، لكن انعقد فيها إجماع منع من اعتبار احد هذين الأصلين لأنهم أجمعوا علي أن من ذوات العيوب ما يجزئ، وهي العوراء والبرصاء والجدعاء، ومن ذوات العيوب ما لا يجزئ، وهي العمياء والقطعاء والشلل، فاعتبرنا معني ما أجاوزه، ومعني ما ردوه، فوجدناهم قد أجازوا منها ما لا يضر بالعمل إضراراً بينا وردوا منها ما يضر بالعمل إضراراً بينا، فصار هذا أصلاً عقده

<<  <  ج: ص:  >  >>