للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب) عدد حد الخمر ومن يموت من ضرب]

قال: أخبرنا الثقة عن معمر بن الزهري عن عبد الرحمن بن الأزهر رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بشارب فقال: "اضربوه" فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه من التراب ثم قال: نكتوه فنكتوه ثم أرسله.

اعلم أن حد الخمر أربعون جلدة فإن رأى الإمام أن يبلغ به ثمانين جلدة جاز وكان ما زاد على الأربعين تعزيزًا، وقال أبو حنيفة ومالك والثوري: حد الخمر ثمانون جلدة واختار ابن المنذر، واحتجوا بما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر بنعلين أربعين فلما كان زمن عمر جلد بكل نعل سوطًا، وروى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوًا من أربعين ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فيه فقال له عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون ففعل.

ودليلنا [١١٦/أ] الخبر الذي ذكرنا وفيه أنه لما آل الأمر إلى أبي بكر رضي الله عنه سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين فضرب أبو بكر رضي الله عنه في الخمر أربعين حياته، ثم عمر رضي الله عنه ضرب أربعين ثم تتابع الناس في الخمر فاستشار الصحابة رضي الله عنهم قال عبد الرحمن بن عوف: ما ذكرنا فقال علي رضي الله عنه: نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فجلد عمر ثمانين وهذا نص صريح على أن الزيادة على الأربعين باجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم على وجه التعزيز لا على جهة الحد، وروي أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أرسل إلى عمر رضي الله عنه وقال: وإن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه فقال عمر: هم هؤلاء عندك وكان هناك عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير فاستشارهم فقالوا ما ذكرناه، وكان عمر إذا أتي بالضعيف الذي كانت منه الزلة ضربه أربعين، وإذا أتى بالرجل القوي المنهمك في الشرب حد ثمانين رواه أبو وبرة الكلبي وجلد عثمان رضي الله عنه ثمانين وأربعين، وروى حصين بن أبي ساسان قال: ركب نفر منهم فأتوا عثمان بن عفان فأخبروه بما صنع الوليد بن عقبة من شرب الخمر فقال عثمان لعلي: دونك [١١٦/ب] ابن عمك فاجلده فقال علي للحسن: ثم فاجلده فقال الحسن: فما أنت وهذا ولهذا غيرك فقال: بل عجزت ووهنت وضعفت، يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجعل يجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال: أمسك، جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين وكل سنة، وروي أن الحسن قال لعلي: ولى حارها من تولى قارها قال الاصمعي: معناه ول شديدها من تولى هينها، وقيل: معناه ول العقوبة والضرب من توليه العمل والمنع، والقارة الباردة وكلاهما قريب، وقال علي: وجلد عمر صدرًا من خلافته أربعين ثم أتمها عمر ثمانين وهذا أحب إلى يعني أربعين، وروى قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد سكر فأمر قريبًا من عشرين رجلًا فجلده كل واحد منهما جلدتين بالجريد والنعال،

<<  <  ج: ص:  >  >>