للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان

طهوراً لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورًا لأعضاء وضوءه". ومعنى هذا الطهارة من الذنوب؛ لأن رفع الحدث لا يتبعض، فدل أن التسمية موضوع الفضيلة، ولأنها عبادة لا يشترط الذكر في أثنائها فلا يشترط في أولها كالصوم. وأما خبرهم فنحمله على نفي الفضيلة والكمال، أو أراد بالذكر النية؛ لأن محل الذكر القلب، وحكي عن داود أنه قال: هي واجبة ولا يجوز وضوءه وإن تركها ناسيًا، وهو غلط أيضًا لما ذكرنا.

مسألة: قال:" ثُمَّ يُفْرغٌ مِن إِنَائِهِ على يَدَيْهِ وَيَغْسِلهُمَا ثَلاَثًا".

وهذا كما قال إذا سمى الله تعالى يستحب له أن يغسل يديه ثلاثًا؛ لأن عثمان وعليًا وعبد الله بن زيد - رضي الله عنهم - وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلهم غسل كفيه ثلاثًا، وهذا ليس بواجب، سواء قام من النوم أو لم يقم.

وقيل: يستحب أن يقول إذا قام من النوم: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور". لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك.

وقال [٥٣ أ/ ١] الحسن البصري: هو واجب لأجل النجاسة، فإن غمس يده في الإناء قبل غسلها أراق الماء؛ لأن النبي صلى الله عليه أمر به لأجل النجاسة، فصار حكمًا بحصول النجاسة.

وقال داود: هو واجب تعبدًا، فإن لم يفعل وأخل يده في الإناء صار الماء مهجورًا ولا ينجس؛ لأن الماء عنده لا ينجس ما لم يتغير. وحكي أصحاب داود عنه أنه قال: إن من قام الليل لا يجوز له غسل اليد في الإناء حتى يغسلها، ولا أقول إن غسل اليد واجب؛ لأنه لو صب الماء في يده وتوضأ به ولم يغسل يده جاز، فإن غمس يده في الماء لا يغسل الماء.

وقال أحمد في رواية: إن قام من نوم الليل وجب عليه أن يغسل يديه ثلاثًا، فإن

غمسها في الإناء قبل ذلك أراق الماء، وإن قام من نوم النهار أو لم يقم من النوم لا يجب، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم "فإنه لا يدري أين باتت يده"، والبيوتة بالليل دون النهار، وهذا غلط لقوله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ} [المائدة:٦] الآية، ولم يذكر غسل الكفين ثلاثًا.

وقال زيد بن أسلم: معناه: إذا قمتم إلى الصلاة من نوم، ولأن غسل اليد إن كان لخوف النجاسة فبالشك لا تجب؛ لأن الأصل الطهارة وإن كان للتعبد فقد وجب غسلهما في الوضوء إلى المرفقين، فلا يجب تكراره كغسل سائر الأعضاء، والخبر هو محمول على الاستحباب بدليل أنه قال: "فإن لا يدري أين [ب ٥٣/ ١] باتت يده"، وهذا أمر موهوم فكان الاحتياط.

<<  <  ج: ص:  >  >>