للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألستم تزعمون أن قتلاكم في الجنة أحياء عند ربهم يرزقون وقتلانا في النار يعذبون، فما يبالي أحدكم أيقدم على كرامة من ربه أو يقدم عدوًا إلى النار، وأنشأ يقول:

ولقد دنوت من النداء يجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن الشجا ع بموقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل متشوقًا نحو الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فقام علي بن أبي طالب فاستأذن رسول الله صلي الله عليه وسلم في مبارزته فأذن له وقال: "اخرج يا علي في حفظ الله وعياذه" فخرج وهو يقول:

يا عمرو ويحك قد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة والصدق منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيـ ـم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبـ ـقي صيتها عند الهزاهز

فتجاولا، وثارت عجاجة أخفتهما عن الأبصار، ثم أجلت عنهما، وعلي يمسح سيفه بثوب عمرو وهو قتيل، حكاه محمد بن إسحاق.

ثم دعا إلى المبارزة بخيبر سنة سبع مرحب اليهودي، فخرج مرتجزًا يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانًا وحينًا أضرب إذا الحروب أقبلت تلهب

إذا الليوث أقبلت تحرب كان حماي للحمى لا يقرب

فبرز إليه من قتله، فحكي جابر بن عبد الله أنه برز إليه فقتله محمد بن مسلمة الأنصاري، وهو الذي حكاه الشافعي، وحكي بريدة الأسلمي أن الذي برز غليه فقتله علي بن أبي طالب، خرج إليه مرتجزًا يقول:

أنا الذي سمتني أمي حيدره ليث غابات شديد القسورة

أكيلكم بالسيف كيل السندره

ودعا ياسر إلى المبارزة بخيبر، فبرز إليه الزبير بن العوام، فقالت أمه صفية: يقتل ابني فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "بل ابنك يقتله" فقتله الزبير، فهذه مواقف قد أجاب إلى المبارزة فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومن ذكرنا من أهله وأصحابه، فدل على استحبابه.

فصل:

فأما الدعاء إلى المبارزة فهو أن يبتدئ المسلم بدعاء المشركين إليها، فهو مباح وليس بمستحب ولا مكروه.

وقال أبو حنيفة: هو مكروه، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة احتجاجًا بقول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>