للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجماعة، وبين أن تتعجلوا جزية سنة حتى تؤخذ منكم في السنة الثانية جزية نصف سنة، وبين أن تستنظروا بجزية نصف هذه السنة حتى تؤخذ منكم مع الجزية السنة الثانية إذا تمت جزية سنة ونصف فاق هذه الثلاثة سألوها أجيبوا إليها.

مسألة:

قال الشافعي: "ويؤخذ من الشيخ الفاني والزمن".

قال في الحاوي: وهذا مبني علي إباحة قتل من أسر منهم، وقد اختلف قول الشافعي في إباحة قتل الرهبان، وأصحاب الصوامع، والأعمى ومن لا نهضة فيه من الشيوخ والزمني الذين لا يقاتلون إما لتعبد كالرهبان أو لعجز كالشيخ الفاني، ففي جواز قتلهم قولان:

أحدهما: يجوز قتلهم، لأنهم من جنس مباح القتل، ولأنهم كان رأيهم، وتدبيرهم أضر علينا من قتال غيرهم، فعلي هذا لا يقرون في دار الإسلام إلا بجزية.

والثاني: أنه لا يجوز قتلهم، لأن القتل للكف عن القتال، وقد كفوا أنفسهم عنه، فلم يقتلوا، فعلي هذا يرون بغير جزية وهو مذهب أبي حنيفة فصار في إقرارهم بغير جزية قولان.

فصل:

فأما يهود خيبر، فالذي عليه الفقهاء أنهم ممن أخذ الجزية منهم كغيرهم، وقد تظاهروا في هذا الزمان بأمان رسول الله صلي الله عليه وسلم في كتاب نسبوه إليه وأسقطوا به الجزية عن نفوسهم، ولم ينقله أحد من رواه الأخبار، ولا من أصحاب المغازي، ولم أر لأحد من الفقهاء في إثباته قولا غير أبي علي بن أبي هريرة فإنه جعل مساقاة رسول الله صلي الله عليه وسلم في نخل خيبر حين افتتحها، وقوله لهم: "أقركم ما أقركم الله" أمانا، وجعلهم بالمساقاة حولا، وأن بهذين سقطت الجزية عنهم، وهذا قول تفرد به لا أعرف له موافقا عليه، وليس الأمان موجبا لسقوط الجزية، لأنها تجب الأمان، فلم تسقط به، ولا تسقط بالمعاملة كما لا تسقط بها جزية غيرهم، ولو جاز هذا فيهم لكان من أهل فدك أجوز، لأنه فتحها صلحا وفتح خيبر عنوة، وأحسب أبا علي بن أبي هريرة لما رأي الولاة، علي هذا أخرج لفعلهم وجهًا، وما لم يثبته الفقهاء لنقل أوجب التخصيص فحكم العموم فيه أمضي والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>