للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطالبني واكتب إلى قاضي بلده لم يسمعها ولم يكتب لأن الغائب لم يطالب فلم تسمع البينة على غير مطالب، وهكذا لو قال الحاضر: إن فلانًا الغائب باعني هذه الدابة أو وهبها لي وهذه بينتي ولست آمن أن يجحد بي فاسمعها لي لم يسمعها لأن سماعها يكون بعد جواب الغائب إن أنكر، وكذلك لو أن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وهو غائب أو حاضر وهؤلاء شهودي عليه بالطلاق الثلاث ولست آمن أن يتعرض فاسمع بينتي لا تسمع لأنه لم يتعرض لها فلم تصح هذه الدعوة، فإن تعرض لها الزوج أحضره لم تسمع البينة قبل حضوره وإنكاره، فإن كان الزوج غائبًا وأرادت الزوجة أن تخرج إلى بلده ففي سماع بينتها إذا ادعت أنه قد تعرض لها وجهان:

أحدهما: لا يسمعها، والثاني: يسمعها بخلاف الأملاك لما يلزم من فضل الاحتياط في الفروج، ولو أنه تذكر خروجها إلى بلده لم تسمع بينتها وجهًا واحدًا وعلى هذا لو كانت أمة في يد رجل فأحضرها إلى القاضي وذكر أنه اشتراها من فلان الغائب ودفع إليه ثمنها، وسأل القاضي أن يسمع بينته على ما قال لم يسمعها منه، فإن استحقت الأمة من يده ببينة شهدت بها لمستحقها جاز للقاضي حينئذٍ أن يسمع بينته بابتياعها من الغائي؛ لأنه مستحق للرجوع بدركها بعد الاستحقاق بخلاف ما قبل الاستحقاق.

وهكذا لو ادعت الأمة أنها حرة الأصل وأقامت بينة بحريتها فسأل صاحب اليد أن يسمع ببينته ابتياعها من الغائب سمعها لاستحقاقه الرجوع بدركها، ولو قالت الأمة: أنا حرة الأصل وعدمت البينة ولم يتقدم إقرارها بالرق قبل قولها في حريتها وأحلفت لصاحب اليد لأن حرية الأصل لا يطرأ عليها الرق، فإن سأل صاحب اليد أن يسمع بينته بابتياعها من الغائب ليرجع بدركها عليه لك يسمعها ولم يكاتب بها.

والفرق بين المسألتين أن بينتها بالحرية مسموعة على كل ذي يد ثابتة وزائلة وقولها في الحرية مقبول على غير ذي اليد الثابتة، ولا يقبل على ذي اليد الثابتة ويستحق صاحب اليد إحلاف البائع أنها ليست بحرة فإن سأل القاضي أن يكتب له بما حكم به من حريتها كتب له بإحلاف البائع ولم يكتب له برجوع الدرك على البائع ويتفرع على هذا أن يشهد عند القاضي شاهد واحد بملك لرجل فذكر المشهود له [٩ أ/ ١٢] أن له شاهد آخر في بلد آخر وسأل القاضي أن يكتب إلى قاضي ذلك البلد بما شهد به الشاهد عنده فهذا معتبر بالملك في بلد القاضي الآخر كتب إليه شهادة من شهد عنده ليتولى ذلك الحاكم تكميل البينة وتنفيذ الحكم، وإن كان الملك في بلد القاضي لم يكتب له الشهادة وأخذ كتاب ذلك القاضي إليه بما شهد به الشاهد الآخر ليتولى هذا القاضي تنفيذ الحكم بالشاهدين.

وعلى هذا لو أن رجل أو امرأة ادعى أن له ولدًا آخر، أو في بلد آخر وسأل القاضي سماع البينة بنفسه وحريته أو بأنه ولد على فراشه ليكتب به إلى قاضي ذلك البلد فلهذا الطالب في طلبه ثلاثة أحوال:

<<  <  ج: ص:  >  >>