للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتحمل عنه طعامًا قال: وكذا لو لم يكن حميلًا؛ بل طاع بدفع ذلك عنه لبائع الطعام منه ثم قال: وإنما كره من ذلك أن يكون البائع هو المحيل به عليه فلا يجوز للمحال إلا ما كان يجوز للبائع أن يأخذه؛ لأنه بمنزلته.

قُلتُ: فأشار ابن رُشْد بهذه التفرقة بين الحميل والمحال عليه إلى الرد على ابن دحون في تسويته بينهما ويرد بأن الحميل في هذه المسألة إذا طعاما لم يصدق عليه، أنه أخذ طعامًا من ثمن طعام بخلاف أخذ بائع الطعام من الحميل طعامًا يصدق عليه أنه أخذ من ثمن طعامه طعامًا، وفي سماع عيسى ابن القاسم مع الموطأ قال مالك: وإنما نهى سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبو بكر محمد بن عمرو بن حزم، وابن شهاب عن أن يبيع الرجل حنطة بذهب ثم يشتري بالذهب قبل أن يقبض الذهب من بائعه الذي اشترى منه الحنطة، فإما أن يشتري بالذهب الذي به الحنطة إلى أجل تمرًا من بائعه الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض الذهب ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة بالذهب الذي له عليه في ثمن التمر فلا بأس به، وقد سألت عنه غير واحد فلم ير به بأسًا.

ابن رُشْد: لأنه باع من رجل، واشترى من غيره فلم يكن فيه تهمة، ولو اشترى بالمائة دينار بعينها طعامًا من غيره لجاز أيضًا إذ لم يأخذ الطعام من الذي باع منه الطعام فلا تهمة على أنه باع منه طعامًا بطعام.

قُلتُ: ولما ذكر أبو عمر تمام في السماع وهو قوله: قال عيسى: قال ابن القاسم: ولو

أحال الذي عليه المائة بائع الطعام على غريم له عليه بمائة؛ لم يجز أن يأخذ من الذي أحال عليه بالمائة طعامًا، قال أبو عمر: ولا فرق بين ذلك في قياس، ولا أثر؛ لأنه طعام من ثمن طعام من غير المشتري له.

الباجي: إنما جاز أن يشتري البائع بالمائة طعامًا ثم يحيله بها على المشتري؛ لأنه اشترى بثمن متعلق بذمته ثم أحال به؛ لأن ذمة مبتاع الطعام الأول مشغولة بثمنه فيتميز الثمنان ثم وقعت الإحالة بعد ذلك في الثمنين بعد ثبوتهما في الذمة عينًا، وأما الذي أحاله مبتاع الطعام الأول على رجل فأخذ منه بذلك طعامًا، فإن ثمن الطعام الأول نفسه آل إلى طعام ففسد بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>