للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن رُشْد: في هذه المسألة نظر؛ لأن قوله: يخير المستأجر في فسخ الإجارة إن لم يفده سيده ... إلى آخر قوله: وعتق العبد وأتبع بالجناية لا يستقيم، ووجه العمل أن يبدأ بتخيير المستأجر في فسخ الإجارة، فإن فسخها عتق وأتبع بالجناية، وإن تماسك بالأجرة خير سيده في فدائه؛ فيكون له الأجرة، وفي إسلامها للمجني عليه، فإن انقضت عتق العبد واتبع بقيمة الأرش، ولا تفسخ الإجارة لتقدمها على الجناية، وقوله في السماع: أن المستأجر يخير، فإن شاء افتداه واختدمه بقية الأجرة، وإن شاء فسخ الإجارة يدل على أنه رأى أنه من حق المجني عليه إن أبى سيده فداءه أن يفسخ الإجارة فيواجر له من غيره إذ قد يجد من يواجره بأكثر من ذلك؛ فيكون من حق المستأجر حينئذ أن يفتكه بالجناية ليبقى العبد في إجارته.

قُلتُ: حاصله أن جعل تمكين المستأجر من إتمام الإجارة بفدائه وفسخها ملزوماً لتمكين المجني عليه في عدم فدائه ربه من فسخها، وإجارته من آخر، ولا خفاء عند من تأمل وأنصف في عدم هذه الملازمة لوضوح نفي العلاقة بين ما ادعى الملازمة بينهما.

والفرق بين تمكين المستأجر من إتمام الإجارة بفدائه إن لم يفده ربه، وتمكين المجني عليه من إنسائها واضح؛ لأن تمكين المستأجر من إتمامها له إنما كان لتقدم عقدها له قبل العتق والجناية وإنشاء المجني عليه متأخر عن ثبوت عتقه، وتمامه بترك المستأجر الإجارة؛ لأنها إجارة حر بغير اختياره.

ابن رُشْد: وسكت عن جواب سؤاله هل يتبعه السيد بما فداه به إن فداه وجوابه أن ليس له اتباعه؛ لأنه إنما فداه ليستحق به الأجرة، ولم يجب أيضاً عن حكم الولد للأمة هل يدخلون في الجناية أم لا؟

ولا إشكال في عدم دخولهم؛ لأنهم ولدوا قبلها، وكذا أو ولدوا بعدها على المشهور، وإنما الكلام هل يعجل عتقهم أو يؤخر لعتق أمهم ومقتضى النظر تعجيله؛ لأن مانعه في الأم عقد الإجارة السابق والولد لا أجرة فيهم.

قُلتُ: مقتضى المشهور أنها بهذا العتق اللاحق لعتق الإجارة كمعتقة لأجل؛ فيجب أن يحكم لولدها بحكم ولد المعتقة لأجل، فتكون خدمتهم إن كانت لهم خدمة

<<  <  ج: ص:  >  >>