للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: متى يكون الترك مطلوبًا أو مباحًا في الشرع؟ (١)

١ - إذا وقع تَرْك ما أحله الله على وجه معتبر شرعًا وذلك إذا اقترن بهذا التَّرْك نية صحيحة، أو كان التَّرك وسيلة مفضية إلى العمل الصالح وعونًا عليه؛ فإن هذا التَّرك على هذا الوجه يدخل تحت معنى العبادة، فلا يكون بدعة حينئذ، وذلك كمن نوى بترك النَّوم ليلًا لإدراك صلاة الفجر، أو كان ترك النوم بالنسبة إليه سببًا للبر بوالديه أو أحدهما.

٢ - إذا وقع التَّرك لسبب معقول؛ كمن يترك الطعام لأنه يضره في جسمه، أو لأنه لا يجد ثمنه، أو ما أشبه ذلك من الدواعي الخاصة، ومنه تَرْك النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكل الضَّب لقوله فيه «إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أَعافه» (٢) , ولا يُسَمَّى مثل هذا تحريمًا لأن التحريم يستلزم القصد إليه، وهذا ليس كذلك فهذا التَّرْك في أصله من قبيل المباح.

٣ - ترك الأمور المشتبهات من باب الاحتياط؛ فإن هذا من باب الورع، وهو الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٣) , وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه


(١) انظر: الحوادث والبدع ص (٤٣) والباعث ص (٥٧) والاعتصام (١/ ٤٢، ٤٥) (٢/ ١٠٧) والإبداع ص (٥١ - ٥٣).
(٢) أخرجه البخاري ص (١١٣٤) برقم (٥٣٩١) ومسلم ص (١٠٤١) برقم (١٩٤٦).
(٣) أخرجه الترمذي (٤/ ٦٦٨) برقم (٢٥١٨) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني انظر: صحيح الجامع (٢/ ٦٣٧) برقم (٣٣٧٨).

<<  <   >  >>