للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإناطة الأحكام بها فيما اعتبره الشارع من المقاصد جالباً للمصالح ودارئاً للمفاسد.

ولا بدع في ذلك فإن المال جميعه، الذي بأيدي الناس، هبة من الله لهم، تقتضي شكرَ المنعم، والامتثالَ لمنهجه وأحكامه التي وَجَّه بها عباده للقيام بواجباتهم تحصيناً ووقاية للإنسان من الأمراض الخُلقية والسلوكية المزمنة. وبقدر ما تحدّث القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة عن الأنواع المختلفة للمال تكسباً وامتلاكاً في مجالي المعاوضات والتبرعات، فإن الإسلام يصرف المسلمين عن اتخاذ المال هدفاً لذاته، ويأمرهم بالسعي إلى تحقيق المقصد الشرعي منه بما سخره الله لنا في السموات والأرض، فنفيد منه ونستخدمه استخداماً صالحاً كريماً، من أجل إشباع حاجاتنا وحاجات مجتمعاتنا، ضمن الإطار الديني العام وتعاليم الإسلام، ووفقاً للمفهوم الأساس للاقتصاد الإسلامي الرشيد.

وفي الآيات الكريمة أحكام للمعاملات تنظم حياة الناس وتقيهم الظلم والعدوان في المكاسب.

من ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١)، وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٢).

وفي الآيتين تحذير للناس من التجرؤ على أكل المال بالباطل، أي ظلماً ومن غير وجه حق، إلا أن تكون الأموال عن تجارة. فإنه يُحصَل عليها بالتبادل بين الطرفين وعن طيب نفس، ولقصد المتصدّي


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٨.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>