للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلموا أنها مسترجعة. فلما استردت منهم لم يغضبوا ولم يجزعوا، وردُّوها شاكرين لما نالوه، ومشكورين لأداء الأمانة فيها" (١).

هذا وإن الإسلام، الذي هو خاتمُ الشرائع وأكملُها، جاء مسوّياً بين أتباعه. فكلما وجدت ثغرة في بناء المجتمع الإسلامي أو تطرّق إليه خلل ما، وجدنا في هذه الشريعة ما يسدّ الثغرة ويصلح أمر المجتمع.

وفيما نشاهد ونرى في مجتمعاتنا من ضرورات عامة وخاصة ما يقتضي تشريع هذه الزكاة وتوفير الصدقات لعلاج أوضاعها. فالضرورة الحتمية الأولى والمزدوجة هي القضاء على البؤس والفقر، وتحرير الإنسان من عبودية المال بسب ما يعترض سبيله من حاجات لا يقوى على دفعها ولا على التخفيف من حدّتها. وقد شرع الله - عز وجل - الزكاة لنا. فهي أعظم مؤسسة للتضامن الاجتماعي، وإن في تأدية الزكوات على وجهها إصلاحاً للأوضاع والأخلال في المجتمع، من بطالة وبؤس وفقر ونوائب وكوارث وديون. كما تتمثل أبعاد مشروعيتها في ضمان حاجات الأفراد وضمان استقرار الحياة الإنسانية بينهم.

وإن الشريعة مع ذلك حين تضيّق على الفرد مداخله، وتقتطع من جهده وكسبه، لِتَجتزئ منه شيئاً لصالح إخوانه ينشأ عنه توسيع قاعدة التوزيع، وتحول دون بقاء المال محصوراً في جهة واحدة، وتأمر بأن تتداوله الأيدي فتقوى بذلك الأمة، وتحافظ على كيانها من عوادي الدهر. وما من شك في أن مقادير الزكاة في كل أوعية الصدقات تزيد بزيادة الكسب. وفي هذا دفع للنمو الاقتصادي وزيادةٌ


(١) الزبيدي. إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين: ٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>